×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

لعبة الانتخابات!!


لعبة الانتخابات!!


بقلم : أ.ناصر الشهري

في قديم الزمان كان يا ما كان قالوا : ان مرشحاً لانتخابات مجلس الشعب المصري قام بإحضار ناخبيه من عدد من المحافظات المصرية بواسطة متعهد حملته الانتخابية الذي جمع فريق التصويت ليلاً في شارع احمد عرابي. وفي الصباح تم توجيههم إلى الصندوق للإدلاء بأصواتهم.. وفي الطريق فوجئ قائد الحملة بأن صوتاً يصدر عالياً من وسط الحملة قائلاً: يعيش احمد عرابي وردد بعده مجموعة خلفه من نفس الطابور.. ومن ثم اعترضهم مدير حملة المرشح لمجلس الشعب عن علاقة احمد عرابي بالموضوع ؟ .. فرد عليه الأوَل بقوله : الله ما كنا في ضيافة احمد عرابي امبارح وهو اللي دعانا واحنا حنرشحه!! فأجابه مدير الحملة ساخطاً : ياراقل" ايه التهجيص بتاعك ده.. انت مش عارف ان احمد عرابي مات من زمان؟ والوأت انت حتصوِّت للي دفع لك الفلوس. قال المواطن : يا عم انا سامعهم بيقولوا نلتقي عند احمد عرابي وانا معرفش غير كدا: ومن ثم شرح له قائد الحملة واعطاه اسم المرشح.. ولكون الناخب لا يقرأ ولا يكتب فقد نسي اسم الرجل عند الصندوق فصرخ قائلاً: لمن حوله هوه مين .. اسمه ايه الراجل اللي بيؤلوا عليه ده. فأعطوه الاسم مرة اخرى وساعدوه في ادخاله إلى صندوق الاقتراع.
وفي الكويت ظهرت حكايات وروايات تجاوزت عدد المرات التي مرت في تاريخ مجلس الامة الكويتي من خلال ديوانيات المرشحين حيث قال احدهم : اننا نفرح في كل مرة يتم فيها حل مجلس الأمة وذلك في انتظار حملة نكسب فيها الكثير من الولائم والمشالح والهدايا لنا كناخبين يركز فيها البعض على من يدفع أكثر!!
وفي المملكة لم تكن الانتخابات بعيدة عن قواعد اللعبة فعندما بدأت المرحلة في تجربة الغرف التجارية قيل ان بعض المرشحين كان يقف على مسافة قريبة من الصندوق ليأتيه من وعده بترشيحه ومن ثم ويقبض الثمن من مدير الأعمال الذي يقف إلى جواره.
غير ان انتخابات المجالس البلدية كانت أكثر دقة ونزاهة في دورتها الاولى في كثير من مناطق المملكة. واقول ذلك لأنني كنت احد المراقبين في تلك الفترة هنا في مدينة جدة. إلاَّ ان الممارسة قد تغيرت في الدورة الثانية حيث يبدو ان المرشحين والناخبين ايضاً تعلموا قواعد اللعبة التي كانت غائبة عنهم. فقد اقيمت المخيمات بكميات كبيرة من "المفطحات" ليلاً ونهاراً. وكان أطرف ما صاحبها قصائد الشعر والمديح التي صاغها عدد من الناخبين والقوها في خيام مرشحيهم ليتطور المشهد إلى رفع الشعار القبلي في نص القصيدة تحت خيمة "النعرات والمزايدات" اما في انتخابات هيئة الصحفيين السعوديين التي انتهت آخر الاسبوع الماضي فقد كانت تجربة نموذجية لمؤسسات المجتمع المدني حيث احتكمت صناديقها إلى الدقة الالكترونية مع وجود لجان متخصصة من دوائر محايدة اثناء الاقتراع والفرز. صحيح انها قد خصصت لقوائم التحالفات ما بين مرشحي صحف تعتمد على عدد منسوبيها الذين انعكست اصواتهم في أغلبيتها على النتيجة النهائية التي حصدها مرشحوهم بحكم الانتماء المؤسسي والتحالفات التي حددت ترتيب القائمة. إضافة إلى تمركز الانتخابات في مدينة الرياض. الأمر الذي جعل عدداً من الصحف تنقل منسوبيها بوسائل متعددة ومنها استئجار باصات على نفقتها الخاصة إلى الرياض وهو ما لم تفعله صحف أخرى مثل البلاد. لكنها أي "التكتلات" في واقع الأمر عمل مشروع في أدبيات العمل الانتخابي حتى على المستوى السياسي في العالم من خلال تحالفات أغلبية الأصوات. وبالتالي فإنني اجزم هنا انه إذا ما تم نقل تجربة هيئة الصحفيين السعوديين في مؤسسات المجتمع المدني فإننا سوف نكون من أفضل دول التجربة الديمقراطية في هذا الجانب.
خاصة وقد شهد حجم التناقضات والضجيج في الغرف التجارية والمجالس البلدية. وكذلك في الاندية الأدبية التي واجهت عواصف احتجاجات على الاختراقات التي خرجت في بعضها عن حدود الأهداف. واخلاقيات الممارسة.
وتبقى الانتخابات في كثير من اصقاع الارض واقعاً يثير الجدل الواسع والتناقضات الحزبية والقبلية والفردية.. وحضور الجانب المادي في مواقع متعددة وسط صراعات تعصف بالمشروع الديمقراطي وتنمية المجتمع في ظل غياب الضمير الإنساني وحجم الوعي الثقافي.
 0  0  2865