ليس دفاعاً عن الكنائس ولكن!!
ليس دفاعاً عن الكنائس ولكن!!
في الوقت الذي يشهد العالم تحولات سياسية واقتصادية هامة، وسط حروب ونزاعات متعددة، نجد أن هناك من يدعو إلى هدم الكنائس المسيحية في بعض الدول العربية .. وهذه الدعوة تأتي أيضاً وسط الحروب المذهبية والعقائدية التي تشهدها المنطقة العربية بصفة خاصة، وهي إضافة أرى أنها ستزيد من توسيع نطاق الصراع إلى خارج الوطن العربي. فهل نتوقف أمام الأخطار والأبعاد التي يمكن أن تثير الآخر وما هي الممارسات الموجودة على الأرض؟
هناك العديد من المساجد والمراكز الإسلامية في أمريكا وفي أوروبا ومدارس دينية متعددة بكل نشاطاتها وبرامجها. إضافة إلى الدعم العربي والإسلامي لهذه المرافق. وكذلك انتشار وفود من علماء الدين الإسلامي في تلك البلدان .
وحين يتم تفعيل دعوة هدم الكنائس في دول عربية ، فإن ردة الفعل لن تكون غائبة عن تلك البلدان ومجتمعاتها، سواء من خلال منظوماتها السياسية أو مرجعياتها الدينية .. حيث ستشن حملة على المساجد والمراكز من مبدأ التعامل بالمثل أو الحد منها ومضايقة المسلمين هناك في أقل ما يمكن عمله في الاتجاه المعاكس. ومن ثم ستجد المنظمات والمؤسسات الإسلامية الدعوية منها والداعمة الكثير من المصاعب والمعوقات في كل مهامها خارج الوطن العربي والإسلامي وداخله أيضاً، وخاصة إذا ما نظرنا إلى وجود أقليات غير إسلامية داخل المنظومة الأخيرة.
ما أخشاه هنا أن تتحقق تنبؤات خمسة من كبار المفكرين والعسكريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، وذلك من خلال كتاب أصدروه في لندن قبل أكثر من 40 عاماً تحت عنوان "الحرب العالمية الثالثة" ركزوا فيه على ثلاث نقاط هامة تدشن لهذه الثالثة، وهي تفكك الاتحاد السوفيتي، وقيام حروب في كل من البلقان ودول الشرق الأوسط، وبداية حروب دينية ومذهبية تغذي وتأجج الصراع على المستوى الدولي .
وهي مؤشرات أعتقد أنه لا يستطيع أحد إنكار واقعها اليوم!!
يحدث هذا في الوقت الذي يشهد فيه العالم العربي تحديداً- تحديات اقتصادية صعبة أمام صراعات سياسية وانفجار سكاني كبير يبحث عن لقمة العيش، ثم يضيف له بعض منظريه حرباً على الهوية، بدلاً من صناعة الحضارة والتنمية المستدامة.
وبالتالي فانه يمكن القول :
إن الصورة قاتمة لمستقبل مخيف، ما لم يكن هناك تفعيل حقيقي لحوار الحضارات والأديان، وتصحيح مسار الدعوة، من خلال رابطة العالم الإسلامي.
وحتى أكون واضحاً فإن ما أشرت إليه في السابق ليس دفاعاً عن الكنائس، ولكنه دفاع ضد ردة الفعل تجاه الإسلام والمسلمين، وتأكيد على أن حرب المذاهب والأديان سيقود إلى كارثة عالمية، إذا لم يرتهن إلى الحوار والاحترام المتبادل.