مجلس التعاون الخليجي وخيار امتلاك سلاح الردع
مجلس التعاون الخليجي وخيار امتلاك سلاح الردع
بقلم/ أ.د. علي بن فايز الجحني
يسعى صناع القرار الإيراني حثيثا إلى امتلاك السلاح النووي والعالم يراقب الأوضاع والتطورات , وهم بهذا الإصرار لا يأبهون بالتحذيرات أوالاتفاقيات, وحتىالتهديدات, إنهم يحتقرون العالم, ويعتبرون مجرد حديث الغرب أوالشرق عن ملفهم النووي زفة إعلامية وأخباراً لاتؤدي ولاتجيب. إنهم يا عرب ماضون بإصرار عجيب في تحقيق هدفهم الإستراتيجي نحو امتلاك هذا السلاح المدمر,رغبة في الهيمنة,وفرض سياسة الإملاءات على العالم العربي والإسلامي,وإشباعاً لتطلعات ثورتهم الخمينية ومطامعها.
ليس في هذا الكون من يضمن قادة إيران في أن مفاعلاتهم ستستخدم للأغراض السلمية, وأن تلك المواقع ستخضع فعلاً لتفتيش وكالة الطاقة الذرية دوريا ودون لف ودوران, وأنه متوفر فيها كل متطلبات الأمن والسلامة من أن تتسرب المواد المشعة إلى الأراضي الخليجية وإلى دول المنطقة والعالم ,وماحادث "شرنوبل" الروسي ببعيد,إنه منأكبرالدروس للعالم, وأنه قد يتكرر في المفاعلات الإيرانية,وحينها،فإنالدول الخليجية بالذات هي المتضررة بحكم كونها الأقرب للخطر من طهران العاصمة, مما يتطلب الرصد على مدار الساعة,وعمل متابعة دائمة للملوثات المتوقع انتشارها من تلك المفاعلات المشؤومة .
إن على المشككين في نوايا نظام الملالي العدوانية نحو أمن دول المجلس أن يراجعوا سجل الثلاثين عاماً الأخيرة ليكتشفواالعجب العجاب ..ففي الكويت اكتشفت خلية تابعة للحرس الثوري, وفى البحرين تم توجيه الاتهام رسميا لهم بالتدخل في الشأن البحريني , ومازالت المؤامرات تحاك ضد هذاالبلد العربي الخليجي المسالم .وفي اليمن تم الاتهام رسميا لهم في دعمهم وتمويلهم حركة الحوثيين التي تسعىإلى تقويض الأمن والاستقرار اليمني والنيل من الوحدة الوطنية . وفي الإمارات فإن الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث مازال ماثلاً للعيان صباح مساء .أماسياسة إيران نحو المملكة فهي تتجسد في فتاوىالخميني,وما قامت به طهران من أعمال عدائية في مواسم حج سابقة , ومناسبات عديدة , ثم في اعتداءاتها الصارخة على السفارة والعاملين فيها في طهران,ثم الإعداد لاغتيال السفير السعودي في واشنطن , ومحاولة تفجير السفارات, وما خطابهم التحريضي الأخير لدعم جماعات معينة ضد الأمن والاستقرارفي المملكة إلاسلسلة من سلاسلالمؤامرات لاستهداف قلعة الإسلام والعروبة المملكة العربية السعودية. وإنه بات من المؤكد أنه لا يوجدبلد عربي أو إسلامي أو دولي تقريبا,إلا وقد اكتوىبنار السياسة الإيرانية بطريقة أو بأخرى..
وأمام هذه المعضلة الحقيقية, والتحدي الخطير للأمن الخليجي, وتحت الذرائع الإيرانية والأوهام, والمراوغة, وأمام هذا السجل المليءبالمؤامراتوالأحقاد،فهل يمكن لأي عاقل أن يثق في نواياهم ؟..على أية حال لابد من أن يفكر صناع القرار في دول المجلس بهدوء , وبطريقة غير تقليدية , وأنيستوعب مفهوم (الردع) في ميزان (توازن القوى) ، فإن هذا المفهوم له تأثيره وتداعياته الحقيقية. فدولة مثل باكستان مع الفارق حين قررت امتلاك السلاح النوويلم تكن إمكاناتها كبيرة,لكنإرادة القرار السياسي المستقل حينذاك كان أكبر, وبالفعل امتلكت باكستان بجدارة قرارها السيادي للحاضر والمستقبل , فلم تعد مرهونة للقرار الهندي والظروف الإقليمية والدولية,حينها وصلت الرسالة للهنود, وتيقنوابمالايدع مجالا للشك أن التعايش بين الدولتين , والتفاهم السلمي هوالسبيل الأنجعلحل الخلافات .
ومثال آخر كان بمثابة مفتاح تحسُّن وتقارب العلاقاتبين ماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي سابقا, والولايات المتحدة الأمريكية وبدرجة تفوق كل التوقعات هومايطلق عليه " توازن الرعب النووي" أي أن كلاً من الدولتين لديهما مايمكن أن يدمر الأخرى مرات ومرات , وكان الحل المنطقي , هو التعايش والتعاون.
إن للإستراتيجي (أندريه بوفر) تعريفا للردع قال فيه " إن الردع هو: عدم تمكين أية قوة معادية من اتخاذ القرار باستخدام القوة العسكرية"
وعصرنا هذا,هو عصر متفجر مسكون بالمفاجآت والأزمات, والأحداث الجسام, محفوف بالمهددات والمخاطر, حيث تتسارع فيه وتيرة الأزمات بشكل غير مسبوق في التاريخ , فعلى المستوى الداخلي للدول العربية فإنها تعاني الكثير من هشاشة التماسك الذي يعد أخطر مهددللأمنالعربي, وأكبرمهيئ للتهديدات الخارجية,وكان مرد هذه الأوضاع المتردية جملة من الأمور منها:
1-تدني الأساليب الشورية والديمقراطية .
2- غياب مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة .
3-الخصومات بين التيارات الداخلية على حساب القواسم المشتركة التي
كان يجب الاتفاق عليها.
4- تعرض حضارة الأمة العربية الإسلامية لهجمة شرسة.
5-تفاقم المشاريع الخارجية على حساب مصالح الأمن العربي .
6-الانكسارات المتعددة , والاختلالات التنموية, والتربوية والثقافية .
7- غياب الردع الإستراتيجي .
إن إستراتيجية المواجهة للأخطار القريبة والبعيدة تتطلب دون إبطاء :
1. تعزيز الحكم الرشيد والمشاركة السياسية في الدول العربية,وتكافؤ الفرص .
2. امتلاك سلاح الردع مهما كانت التضحيات,وخاصة إذا استمرت إيران في سياستها العدائية نحو دول مجلس التعاون الخليجي.
3. تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة.
4. تحقيق التكامل والاتحاد في دول مجلس التعاون الخليجي.
5. الاهتمام بالنظم التربوية.
6. الاهتمام بالشباب والمرأة.
7. الاهتمام بمراكز البحوث والدراسات العلمية.
8. معالجة الاختلالات التنموية.
9. إعداد خطاب ورؤية استراتيجية تواكب الأحداث والمستجدات.
إن وجود أكثر من عشرين ألف قنبلة نووية, واستخدام أقل من مائة منها,كاف لتدمير كل سكان الأرض, ومواجهة المشروع الإيراني لا يتم فقط بالكلام , فمواصلة الإصرار على إنتاج وامتلاك هذه القوة المدمرةتحت ذرائع متعددة هو خيارهم الوحيد, كما هو الحال خيارهم الذي يلمسه العالم صباح مساء ،وهو التدخلات في شؤون الدول العربية والإسلامية , واستمالة التجمعات الشيعية في تلك الدول لكسب ولائهم واستخدام السذج منهم ضد مصالح شعوبهم وأوطانهم.
ويؤدي ذلك إلى:
1. عودتهم وبقوة إلى خطاب تصدير الثورة , وشعارات الخطاب الماركسي ودغدغة مشاعر الجماهير.
2. الادعاء بتمثيل الإسلام والمسلمين في العالم.
3. توتير العلاقات حول العديد من الملفات , وخصوصا ملف الجزر الإماراتية الثلاث وملفات أخرى ساخنة.
4. عدم رغبة إيران حقيقة في إيجاد حلول عادلة للقضايا الخلافية بينها وبين الدول العربية .
5. السعي إلى بث الفوضىفيالمنطقة,وإعطاء الدول الكبرى مبررات التدخل.
6. الاستمرار في خطابها التحريضي غير السلمي.
7. الاستمرار في برنامجها النووي المهدد للأمن والسلم الدوليين.
8. دعمها على كل المستويات للنظام السوري الذي يقتل شعبه, وللجيوب الانفصالية والمجموعات المارقة.
من هنا يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي السعي إلى امتلاك سلاح ردع يحسب له ألف حساب, مهما كانت التضحيات حتى وإن ضحت شعوب المجلس بجزء منميزانياتها من أجل استقرار وأمن أجيالها القادمة.. وهذا مدعاة للأمن والسلام الدوليين في المنطقة, وإلاسيندم الجميع وحينها لا ينفع الندم، إنهم وبصراحة يستهدفون أمننا ووجودنا.
إن المعادلة في الفكر الإستراتيجيوتوازن القوى واضحة فهي تقوم على أن (أ ) إذا علم أن( ب) لديه قوة مماثلة لقوته , فإنه سيمتنع حتما, ويفكر ألف مرة قبل أن يقدم على أي مغامرة , ومن ثمَّ يكف شره وأذاه في ممارسة أي تهديدات أو تدخلات, أواعتداءات,وهذهوببساطةجدا اللعبة ودون تعقيدات , فهل يا ترى هذه المعطيات والحقائق تحتاج إلى براهين إضافية؟