كلنا سوريا.. كلنا أرض الشام الجريحة
كلنا سوريا.. كلنا أرض الشام الجريحة
مفارقاتٌ عجيبة يشهدها العالم هذه الأيام، فإخواننا في سوريا الحرة يذوقون ويلات الحصار والقتل والتعذيب على يد "العصابة الأسدية"، في حين تتسابق القنوات الفضائية يوميا على نقل المزيد من الأخبار المحزنة بحيث لا تغيب شمس يوم إلا بحصيلة جديدة على يد "شبيحة بشار" وآلياته، وشلالات الدماء تتفجر أنهارا منذ أكثر من 11 شهرا، ولا نسمع سوى جعجعة إعلامية وتصريحات يرددها مسؤولون أوروبيون لكنها لا ترتقي إلى فعل حقيقي على أرض الواقع لتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه شعب يذبح جهارا نهارا من الوريد إلى الوريد.
عامٌ كامل من الخذلان العالمي والعربي لشعبٍ أعزل يواجه دبابات على الأرض وطائرات في السماء وقناصة فوق أسطح المنازل، في ظل دعمٍ سياسي متواطئ (روسي ـ صيني) لم تستطع الدول العربية وتحديدا الخليجية فك شفرته، أما الدول الغربية وأمريكا على رأسها فلو أرادت لصدر القرار في اليوم التالي من مجلس الأمن كما فعلت في ليبيا، فلا فرق في الحالتين فذاك مجرم كان يقتل شعبه وقضي عليه، وهذا مجرم آخر ما زال غارقٌ في دماء إخواننا السوريين، والدول العربية تساير الأوروبية في اجتماعات بين تونس ومصر، بينما بشار المجرم يحرك دباباته وآلياته على جثث السوريين الأحرار، بدعم بالرجال والسلاح من دولة الفرس إيران و"حزب الشيطان" في لبنان.
وحتى لا يعتقد البعض أننا نتحدث بعيدا عن الواقع إلا أن هناك ما يثبت قدرة أمريكا على التصدي للفيتو الروسي أو الصيني، فهناك حالة مشابهة لمن يجهلها على غرار الأحداث التي وقعت في البوسنة والهرسك وكوسوفو، فأرادت أمريكا التدخل، فتعارض الفيتو الروسي، فتصدت أمريكا وحلفائها للفيتو بعيدا عن مجلس الأمن وأبطلوه ونفذوا ما يريدون (والتاريخ شاهد).
إذا ببساطة أتدرون لماذا لم يعتبر بشار وعصابته مجرمي حرب، الإجابة لأن أمريكا لم تصادق ولم توافق على ذلك، والدليل تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قبل عدة أيام حينما حذرت حرفيا من "اعتبار الرئيس السوري بشار الأسد مجرم حرب" والسبب على حد زعمها أن ذلك "قد يعقد التوصل إلى حل في سورية". تصريح كلينتون مردودة عليها، فلا يهمها ولا يهم الإدارة الأمريكية التوصل لحل في سوريا، ما يهمها ويهم أمريكا بالدرجة الأولى هو رضا إسرائيل عن صديقهم بشار (طبعا ليس حبا في بشار لذاته لكن يبدو أن إسرائيل موعودة بجزء آخر من سوريا العربية مقابل مساندتها له من جهة وإسكات أمريكا من جهة، كما فعل الأسد قبل ذلك في الجولان التي مازالت محتلة حتى الآن، إضافة إلى أن ابن خالة بشار رامي مخلوف رجل الأعمال ذكر أن أمن إسرائيل من أمن سوريا)، وبما أن الدولة العبرية راضية فعلى أمريكا أن ترضى، وإذا رضيت أمريكا فعلى العالم بأسره الرضا وأن يغمض عينيه والأفضل أن تصبح جميع الدول (لا ترى لا تسمع لا تتكلم) وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أما المضحك المخجل ففي ظل هذه الأزمة التي تعيشها سوريا، تخرج علينا المحكمة الدولية بقرار يقضي بالقبض على وزير الدفاع السوداني بحجة أنه "ارتكب جرائم ضد مدنيين في درافور".. أين هذه المحكمة من بشار وماهر ومسوؤلين آخرين كثر ضمن العصابة التي تنكل بالشعب السوري؟ لماذا لم يصدر بحقهم مذكرة اعتقال باعتبارهم جميعا وعلى رأسهم بشار مجرمي حرب؟ ثم لماذا لم تخرج هذه المذكرة إلا في هذا الوقت بالذات؟
لله دركم من شعب صمد وما زال كذلك في وجه الطاغية الذي أراد السوريون أن يثبتوا للعالم أنه نظامٌ مجرم فعل ما لم ولن يفعله حتى "اليهود" أنفسهم بالمسلمين، فلقد وصل الحال بعصابة النظام إلى أن تقوم بـ "ذبح السوريين المعتقلين بالسكين" فماذا بقي كإثبات لكم يا مجلس الأمن ويا حقوق الإنسان ويا أيها العالم المتفرج؟
كلنا سوريا.. نقف قلبا وقالبا مع إخواننا المضطهدين في أرض الشام الجريحة، وأكفنا ترتفع وألسننا تلهج بالدعاء إلى المولى العلي القدير أن ينصرهم ويثبتهم ويعجل بهلاك طاغية سوريا، وأن يرينا فيه وزمرته وأتباعه ومناصروه عجائب قدرته.
عامر الشهري
Am_alshry@hotmail.com
الرياض