×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

هل نحن بحاجة الى القسوة ؟

سعد بن مغرم
بواسطة : سعد بن مغرم

هل نحن بحاجة الى القسوة ؟

ربما يكون التساؤل عنوان المقال مستفزا الى حد ما ! و لكن ما دعاني الى هذا الطرح هو ما نلاحظه على مدى الايام وبامتداد الوطن من هبوط مريع في الذوق العام , وتجاهل صارخ للأنظمة التي يعود مردودها اولا وآخرا علينا كمواطنين , وعلى سلامتنا وصورتنا التي يفترض بها ان تكون مشرفة ومشرقة امام الآخرين .
كل ما يحيط بنا يشهد علينا بأننا شعب لم نحسن استخدام ما بين يدينا من مقدرات وممتلكات عامة . الشوارع والميادين و( أشباه الحدائق ) تشهد علينا ليلاً ونهاراً بأننا فوضويون حتى النخاع , فهي تستقبل منا بالدقيقة آلاف المخلفات والمقذوفات, والصورة تزداد تشويهاً يوما بعد يوم , ونشأ على هذا الايقاع الشاذ المخالف جيل من المستهترين الذين يرفعون عند كل لحظة افساد لجمال المدن الشعار القائل : فيه بلديه وعامل نظافة وش شغلتهم ؟

بكل أسف فإن هذا الهدر المفرط في الممتلكات يصيب المخططين ومن بيدهم اعتماد المرافق الجديدة حتى وان كانت من صميم واجبهم بالاحباط الشديد فهم يرون وليس لهم الا بعض العذر ان ما يستغرق تخطيطه وانجازه سنوات يتهاوى بحكم السلوكيات السيئة في ايام معدودات .
لم نفلح في خلق ثقافة الطابور حتى امام الخباز وإن فعلنا فلدينا الرغبة الدفينة في كسر هذا الطوق واحداث الفوضى متى ما سنحت الفرصة , وترانا نقوم من أماكن نزهتنا بعد أن نمطر الموقع برشقات من مختلف العلب البلاستيكية والمعدنية ومخلفات الطعام , وبدلا من أن نمتثل للحديث الشريف ( اماطة الاذى عن الطريق صدقة ) بتنا نحدث العكس دون أدنى درجة من تأنيب الضمير أو استشعار المسؤولية .

ذهب الألوف من أبناء بلادنا منذ السبعينات من القرن الماضي في بعثات دراسية مطولة الى جميع أنحاء العالم وعادوا برفقة شهاداتهم العلمية ورصيد متضخم من الذكريات الجميلة ورصيد خاو من السلوكيات الايجابية التي يمكن ان تحدث في هذا المجتمع فرقاً .وتبعهم في السنوات اللاحقة ألوف أخرى من السياح الى مشارق الدنيا ومغاربها . وعادوا في كل مرة يتحدثون ويسهبون في الحديث عن المواصلات وثقافة النظافة والنظام دون أن يعملوا بشيء من ذلك أو يستنكروا من يفعله و ذلك أضعف الايمان .
تعالت الصيحات على نظام ساهر عند تطبيقه وقد تم نقده من زاوية انه مثال للاستغلال التجاري الفاضح تحت مظلة تطبيق النظام , وربما لديهم في هذا الجانب بعض الحق , لكن القليل هم من تطرق الى أساس المشكلة وهي المخالفات والمغامرات المرورية القاتلة , وتكسير النظام وتقليل قيمته المعنوية حد التلاشي .

فليكن هذا النظام ظالما مستبدا طالما أنني لا أرتكب المخالفات . ما يضيرني أو أياً كان إذا كان الهدف منه ربحاً مادياً صرفاً أو هدفاً نبيلاً سامياً . وقف المخالفات المرورية بأي وسيلة أعتقد أنه هدف يسعى له . الأرواح أغلى من كل شيء والصيحات المتعالية دائماً ما كانت ترفض الانصياع للنظام وتسعى للمحافظة على الفوضى بأي وسيلة . تلك الموجه لا تنادي الا غريزة حب الفوضى ورفض التخلص منها تحت أي ظرف .

نحن وبكل أسف نحتاج الى ساهر في كل زاوية من زوايا حياتنا المشبعة بالفوضى . فنحن نكره الانصياع للنظام ونعشق التجاوزات ونكيل المديح لكل المتلاعبين بالانظمة والمتحايلين على القوانين ونسبغ عليهم الألقاب , بينما لا نرضخ للنظام في الأغلب الا خوفاً من عقوبة منتظرة او تحت نظر الرقيب الذي ربما لن يفوتها لنا , نرضخ للنظام في وضع نفسي حرج وفي خجل وحرج مبالغ فيه .

أعتقد بأنا لسنا بحاجة الى تطبيق نظام مثل ساهر لعام اوعامين , بل نحن نحتاجه دهرا طويلا حتى يستطيع أن يخلق فينا ثقافة النظام حبه و تطبيقه و عدم كسره تحت أي ذريعة من الذرائع والامتثال له بكل اقتناع .

بقلم الأستاذ
سعد مغرم الشهري
بواسطة : سعد بن مغرم
 0  0  7592