×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الأبناء والبنات ..حتى لا يكسر الزجاج

أفاض الغيورون واستطردوا في الحديث عن خطورة الشبكة العالمية بمادتها الخام على الأسرة المسلمة، خصوصاً مع الجهل من قبل فئة عريضة من الآباء والأمهات بماهية هذه الشبكة، والأخطار الممكن أن تترتب على الخوض فيها بدون توعية وتوجيه ورقابة "وترشيح" - البعض يتحسس من مصطلح "حجب"- ، إلا أن هذه الأصوات تكاد تكون لا شيء أمام اندفاع المجتمع نحو التقنية أو بالأحرى اندفاع التقنية نحو المجتمع، لذا كان لزاماً على المربين والناصحين والمتخصصين ألا يفتروا من التذكير وتكرار الكلام على هذا الموضوع والتنبيه على خطورة ترك الأمر يسير كيفما اتفق، لأنه متعلق بنسيج المجتمع وأي تساهل في هذا الموضوع من شأنه أن يجلب عواقب لا تحمد عقباها على المدى القريب وليس البعيد.
وقد بدأت تظهر على السطح بعض هذه الآثار، فما نسمعه من أخبار يومية في بعض مواقع الصحف الإلكترونية - التي تستبشر بمثل هذه الأخبار وتنقلها على سبيل السبق الإعلامي وتقتات عليها - ما هي إلا إفرازات لتلك التقنيات وبعض مخاطرها التي أعنيها هنا، وليس سراً عندما تعترف إحدى الفتيات أنها خرجت مع صديقها بحسب الرواية المنشورة في إحدى الصحف الإلكترونية بعد علاقة دامت أكثر من ست سنوات، بدأت هذه العلاقة في إحدى غرف "الدردشة" على الإنترنت، ولو افترضنا أن هذه الفتاة في السنة الأخيرة من الجامعة وقت القبض عليها فهذا يعني أن العلاقة بدأت من الصف الثاني الثانوي وقد يكون قبل ذلك حسب مرحلة الفتاة الجامعية الآن!!
الخبر يبدو أحيانا عاديا، مع كثرة تداول مثل هذه الأخبار، ولكن لو نظرنا إليه من زاوية أخرى داخل المنزل، لكانت الصورة مختلفة قليلا ولن تكون بتلك البساطة، ستكون الصورة عبارة عن فتاة في زهرة شبابها وفي ربيع عمرها، وقد يوفر لها والداها جهاز الحاسب الآلي سواء بطلب منها أو بدون طلب بحكم الضرورة التي لابد منها، ثم يتم توفير اشتراك إنترنت، ويوضع الجهاز في غرفة الفتاة المراهقة بعيداً عن الأنظار، وانتهى دور الأب المكلوم والأم المكلومة هنا! - عفوا لم ينته بل النهاية كانت في أحد مراكز الشرطة أو الهيئة بتوقيع استلام البنت بعد ضبطها في خلوة غير شرعية!!
عند إحضار الجهاز لأول مرة إلى المنزل : هل كان هناك توجيه في هذه المرحلة؟ أم أن الأب نفسه لا يدرك مثل هذا الأمر وأن الابن أو البنت بحاجة إلى توجيه أصلا!
هل هناك إشراف على المحتوى الذي تتم زيارته؟ أم أن الوالدين أصلا لا يجيدان التعامل مع الجهاز فضلا عن كونهما يملكان القدرة على الإشراف على المحتوى!
أسئلة كثيرة وقد يفاجأ الجميع أن لا إجابة!!
فكيف تطلب من أب وأم لا يجيدان التعامل مع التقنية أن يقوما بدور أكبر منهما ؟
وكيف تريد منهما التصرف أمام الطلب الملح من قبل المدارس وضغط المجتمع والعصر بضرورة توفير جهاز حاسب؟
هنا يأتي دور المجتمع كاملا لينهض بمسؤوليته أمام هذه المسألة المعقدة نوعا ما، فالمدرسة تتحمل جزءا من المسؤولية بجميع كادرها من مدير ووكلاء ومعلمين، والبيت كذلك وهو المحضن الأول للطفل حتى يكبر ويتفتق ذهنه على الحياة بشتى معطياتها، والمسجد له دور توعية الآباء والأمهات والشباب من خلال الخطب والمحاضرات والدورات التوعوية فيما يتعلق بهذه الجوانب التقنية المعاصرة، التي أظنها أصبحت من الضرورات الآن شأنها شأن الموضوعات الشرعية الأخرى التي تعقد لها الدورات من حين لآخر، ثم الجهات الحكومية المعنية، صحيح أن بعضها يقوم ببعض الدور، وليس الدور كاملا والسبب عدم استشعار خطورة الأمر، فوزارة الشؤون الاجتماعية مثلا لها من اسمها النصيب الأكبر من المسؤولية، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لها دور أظنها بدأت مؤخرا بالالتفات إليه وهو التوعية بعدد من المقاطع الجميلة ولازال المطلوب منها أكبر، وهيئة الاتصالات تقوم بدور ترشيح المواقع وهو جهد جبار ومشكور ولا زال بحاجة للتطوير فسياسة الحجب لديها تقوم على القوائم السوداء، ولكن قد يكون هناك حلول لوضع خيار القوائم البيضاء أمام الشركات المقدمة للخدمة بحيث يكون أمام رب الأسرة الحق في اختيار مثل هذه الخدمة وأن تكون مجانية بدلا من أن تكون مدفوعة لدى بعض الشركات حالياً.
ثم يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني التي لازالت لدينا تراوح بين فهم الفكرة من قيامها وبين القيام بمسؤوليتها الصحيحة وبين فهم الناس واستيعابهم لدور هذه المؤسسات، سواء كانت جمعيات خيرية أو مراكز أسرية أو أندية اجتماعية ورياضية، ومالم يتم استشعار المسؤولية وخطورة الأمر وإلا فلن يزداد الأمر مع مرور الوقت إلا سوءا وسنسمع بالمزيد من القصص الحزينة لضياع عدد من الأسر كل يوم.
أرجو ألا يأتي اليوم الذي يكسر فيه الأب الجهاز بعد أن انكسر داخل البيت ما هو اكبر بكثير من الجهاز.


علي بن غالب الشهري
صفحتي على تويتر
http://twitter.com/#!/ali_alshehri
 0  0  7365