لا تَصنع الكَابوس... وعِشْ حَيَاتَك !
د٠فايز بن عبد الله الشهري
أنت تعيش معاناة من نوع خاص وتقع تحت ضغط نفسيّ ثقيل دون أن تدري عن أسباب ما تعانيه من ألم. وأنت كما تقول دائما - لستَ في خير حال جراء ما تكابده من أشكال الضيق والمعاناة بسبب هذا الكابوس. ولكن تُرى هل سبق أن منحتَ نفسك فرصة التفكير في مصادر المشكلات التي تلازمك؟ وهل فحصتَ يوماً مكونات "الكابوس" المريع الذي أقلق راحتَك وهدوءَك؟ نعم ربّما تكون وظيفتك الرسميّة غير مريحة، وقد يكون رئيسك أو شريكك في المنزل أو العمل مبعث الهم والبؤس، أو لعلّها طموحاتك ومشاريعك الواقعيّة وغير الواقعيّة هي التي ألقت على كتفيك بهذا الشقاء.
هل تعلم أيها الحزين- أن أكبر منغّص على سكينة الإنسان وهدوء حياته هو الإنسان ذاته، وهذه الحال البائسة عادة ما تأتي من خطأ التوقعات والخيارات أو فشل التبكير بتصحيح القرارات الخاطئة. قضيتُ ما يزيد عن عامين وقراءاتي في معظمها تتركّز على تتبّع السير الذاتيّة للمفكرين والمبدعين والناجحين ووجدت في محطات حياتهم الكثير من الدروس التي لم يعلنوها كلها بصفة مباشرة ولكن القارئ المتأمل يستطيع أن يستنتجها.
ومن خلاصة هذه التجربة يمكنني القول إن الكابوس الأكبر في حياة كل إنسان -كما أسلفت- هو من صناعة يده ومن منتجات خياراته في الحياة. على سبيل المثال تجد شخصاً لا يعرف ميزاناً لتحقيق ذاته وطموحاته سوى "بهرجة" الوظيفة وألقها وحين يتغيّر الحال بترك الوظيفة أو زحزحته إلى عمل آخر أقل أهميّة وسلطة تجده بدل أن يستوعب واقعه الجديد ويصنع نجاحاً جديداً يبادر إلى صناعة كابوس رهيب من الحسد لخلفه أو يسير متوهّماً أن المتآمرين أوقعوا به ويستمر به الحال هكذا ليقضي بقيّة عمره نهباً للتضجر والتشكّي.
وتجد آخرَ قدّر الله عليه تواضع القدرات والمؤهلات أو قعود الحظ والهمّة فلم تسعفه ظروفه على مجاراة الأقران الذين سبقوه وبدل أن يبحث في مناطق التميّز في شخصيته ويوظّفها في ما يمارس من نشاط ، تراه يقضي جلّ وقته متتبّعاً الأقران الفالحين لينثر عيوبهم ويشيع عنهم مستهلكاً وقته وجهده فيما لا يزيده إلاّ كمداً وحسرة.
نعم قد يكون لك خصوم ومنافسون وقد تتعثّر في مسيرة حياتك بأناس تسرّبت إليهم الغيرة السوداء أو جبلوا على انتقاص المكافحين والكيد لهم ولكن من يجعل لهم طريقاً سالكاً إلى تفاصيل حياتك وتفكيرك هو أنت وحدك. إذاً ما العمل حينما تكون في مرمى هؤلاء المساكين، ربّما ستقول عليّ أن أنتصر لذاتي وأشرح مواقفي وأبين لهم أنني لم .. ولن ... ولكن ستواجه مشكلة أنّك لن تغيّر أنفساً ابتلاها الله بهذه العلل، كما وأن أيامك الذهبيّة ستنقضي وأنت في حلبات الدفاع تذود عن نفسك وتصرف ثمين أيامك بلا طائل. إذاً لعلك تذهب إلى الخيار الثاني وهو أن تقول دعهم يتكلمون وسأواصل مسيرتي وكفاحي ولعلّك تعتبر من حكيم سألوه :بم ينتقم الإنسان من عدوّه...؟ فقال: بإصلاح نفسه وأضيف والمضي قُدُما. أيّها الحزين ..لا تَصنع "الكابوس" وعشْ حياتك.
* مسارات:
قال ومضى: عجباً كيف (تنثر) عيوبي وأنت وحدك من يشقى في (جمعها) كل يوم.