الغربال 2
قال الصِّمَّة بن عبدالله القشيري ( ...- نحو 95هـ ) :
أقول : والذي لا ريب فيه فوات هذه السنين وتصرمها تمضي للفناء وهي رهينة به حتى إذا استكثر عامرها بالذكريات , وسقيمها أفضى إلى شيء من الشعور الواقع ذي الرونق والإسعاد , أو الهم والإشفاق , و عندئذ تفيض المشاعر وتسكب الذكريات , والعطاء عندئذ أشتات بين عطاء مادي ملموس يظهر عند الموهبين من الشعراء بما يسطرونه من نتاج أدبي شعري مقروء كما هو في شهر القشيري السابق الذي سكب تلك الرؤى في الأبيات السابقة فكانت المحصلة ترجمة تلك الذكريات بهذه الصورة الأدبية المؤثرة , والذين ليسوا بشعراء فهم يظهرون تلك الأحاسيس بنفثات حرّى : آهة , أو دمعة ساخنة تفيض بها العيون , ولا ضير فالمحصلة واحدة والأمر إلى فوات .
هذا المقال من عمود الأسبوعي الذي كان ينشر في جريدة الجزيرة كل يوم سبت , تحت عنوان « الغربال » ومضى علية زمن يزيد على ستة أعوام , ثم توقف
أقُولُ لِصَاحِبي والعيس تهوْي=بِنَا بَيْنَ المُنيفَةِ فَالضِّمارِ
تمتَّعْ مَنْ شميم عَرَارِ نَجْدٍ=فما بَعْدَ العَشيَّة مِنْ عَرَارِ
ألاَ ياحبَّذا نفحاتُ نجْدً=وريَّا نشرهَا بَعْد القِطارِ
وأَهْلُك إذ يحُلُّ الحَىُّ نجداً=وأنْتَ على زمَانِك غيْرُ زارِ
شهورُ بنقضينَ وما شعرْنا=بأنصاف لهنَّ ولا سِرَارِ
فأمَّا ليْلُهُنَّ فخيْرُ ليل=وأقصرُ ما يكون مِنَ النهار
وهو القائل أيضا : تمتَّعْ مَنْ شميم عَرَارِ نَجْدٍ=فما بَعْدَ العَشيَّة مِنْ عَرَارِ
ألاَ ياحبَّذا نفحاتُ نجْدً=وريَّا نشرهَا بَعْد القِطارِ
وأَهْلُك إذ يحُلُّ الحَىُّ نجداً=وأنْتَ على زمَانِك غيْرُ زارِ
شهورُ بنقضينَ وما شعرْنا=بأنصاف لهنَّ ولا سِرَارِ
فأمَّا ليْلُهُنَّ فخيْرُ ليل=وأقصرُ ما يكون مِنَ النهار
قفا ودّعا نجداً ومن حل بالحمى=وقلَّ لنجد عندنا أن يودَّعا
أقول : والذي لا ريب فيه فوات هذه السنين وتصرمها تمضي للفناء وهي رهينة به حتى إذا استكثر عامرها بالذكريات , وسقيمها أفضى إلى شيء من الشعور الواقع ذي الرونق والإسعاد , أو الهم والإشفاق , و عندئذ تفيض المشاعر وتسكب الذكريات , والعطاء عندئذ أشتات بين عطاء مادي ملموس يظهر عند الموهبين من الشعراء بما يسطرونه من نتاج أدبي شعري مقروء كما هو في شهر القشيري السابق الذي سكب تلك الرؤى في الأبيات السابقة فكانت المحصلة ترجمة تلك الذكريات بهذه الصورة الأدبية المؤثرة , والذين ليسوا بشعراء فهم يظهرون تلك الأحاسيس بنفثات حرّى : آهة , أو دمعة ساخنة تفيض بها العيون , ولا ضير فالمحصلة واحدة والأمر إلى فوات .
هذا المقال من عمود الأسبوعي الذي كان ينشر في جريدة الجزيرة كل يوم سبت , تحت عنوان « الغربال » ومضى علية زمن يزيد على ستة أعوام , ثم توقف