تأملات في كارثة جدة
تأملات في كارثة جدة
ليتخيل كل واحد منا وهو يودع أطفاله صباحا أن واحدا منهم أو أكثر قد لا يعود مرة أخرى ! شعور مريع تقشعر له الأبدان .
وتخيلوا حال الامهات المشفقات وهن يودعن فلذات أكبادهن بأجساد منهكة وقلوب يحرقها الم فراق وشوق اللقاء .!
في صباح السبت 23-12-1432 هـ جهزت كل أسرة بنتها وهيأت ملابسها واعدت حقيبتها وسارت معها بقلوب مفعمة بالحب والسنة تلهج بالدعاء إلى باب المنزل وفي بال الآباء والبنات آمال وأحلام لا تنتهي بدأ ببقية ذلك اليوم الربيعي الجميل وانتهاء بمستقبل مشرق وجميل .
وفي مكان ما في مدينة جدة عروس البحر الاحمر حصلت كارثة !. شب الحريق واغتيلت البراعم في مدرسة البراعم واستشهدت معلمتان فاضلتان وليس بعد الشهادة مطمع .
هذا بعض ما حصل في مدرسة براعم الوطن الأهلية في جدة والحقيقة الكاملة علمها عند ربي . إنها مأساة بكل المقاييس .
لكن كيف حصل هذا ؟ وكيف يمكن تجنبه مستقبلا ؟
حسب التقارير المنشورة هنا وهناك اتضح الآتي :
1- المدرسة ليس بها مخارج للطوارئ ؟ ( لا ادري اين دور قسم التعليم الاهلي في ادارة تعليم جدة ومن الذي غض الطرف عن هذه الملاحظة الجوهرية ؟ )
2- الحريق حصل في القبو ( البدروم) ويبدو أن أجهزة الإنذار كانت في الأدوار الأرضي فما فوق ولم يعلم احد بالحريق إلا بعد أن كان قد استولى على كامل القبو .
3- تفيد التقارير بان المدرسة كانت مكتظة بأعداد تفوق طاقتها الاستيعابية وهذا ينطبق حتى على كثير من المدارس الحكومية التي تحشى فصولها بالطلاب حشوا متجاهلين أوقات الكوارث والأزمات لا قدر الله .
هذا فيما يخص المدرسة نفسها
أما ما يخص الجهات الأخرى فكل يتحمل جزأ من المسؤولية فالمرور كان من المفترض أن يقفل جميع الشوارع المحيطة بالمدرسة لان التقارير تفيد بأن التجمهر أعاق كثيرا دخول سيارات الإسعاف والمطافئ الى الموقع .
تفيد بعض المصادر إلى أن طلاب إحدى المدارس المجاورة قاموا بدور اكبر من رجال الدفاع المدني في الإنقاذ ولا أتحدث عن إخماد الحريق وإنما الجرأة والمغامرة في الإنقاذ . ولا تزال برامج تدريب الدفاع المدني من وجهة نظر الكثيرين اقل من المطلوب .
مستقبلا نسأل الله ألا يري أحدا مكروها وان يجنبنا جميعا كل شر ومكروه ولكنني أرى ضرورة الآتي :
1- التشديد الكامل على مسألة مخارج الطوارئ ووسائل السلامة وعدم المجاملة والمحاباة .
2- إلزام ادارات التربية والتعليم بالتعاون مع الدفاع المدني بتنفيذ تجارب إخلاء مرتين سنويا على الأقل في مدارس البنين والبنات .
3- تثقيف المرأة في مواجهة الأزمات لان المرأة عندنا تحت وطأة العادات وبعض الغلاة لا تحسن التصرف في مثل هذه الظروف وأكاد اجزم أن هناك حالات سقطت نتيجة الاضطراب وعدم المقدرة على التصرف نتيجة لعدم المرور بتجارب وممارسات تعطي المرأة قدرا من الجرأة على التصرف حين تكون منفردة .
4- ضرورة التوعية المستمرة بخطر التجمهر وضرره وانه اكبر العوائق في حالات الإنقاذ..
نسأل الله الرحمة لمن قضوا نحبهم والشفاء للمصابات ونتمنى للجميع السلامة .
عمر عبدالله ظافر