إيذاء الأطفال
إيذاء الأطفال
كرم الله الإنسان وفضله على سائر مخلوقاته قال تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا ) .
ولقد شمل التكريم الإلهي الإنسان في جميع مراحله ولما كانت الطفولة هي أولى مراحل الإنسان في الحياة اعتنى بها الإسلام عناية خاصة وتتجلى هذه العناية في احترام الإسلام للطفل قبل أن يولد من خلال الترغيب بالزواج والحث عليه والحرص على حسن اختيار الزوجين مما يهيئ للطفل منبتاً صالحاً , واحترم الإسلام الطفل عند ولادته وأثناء رضاعته كما وضع الإسلام أسساً عامة من خلال الجوانب الإيمانية والخلقية والاجتماعية والنفسية والعقلية .
وفي التقرير التالي تستعرض وكالة الأنباء السعودية موضوع إيذاء الأطفال من حيث العوامل التي تؤدي إليه وأنواعه والآثار المترتبة عليه , وسبل التعامل مع الأطفال وتربيتهم .
وإيذاء الأطفال يعرفه الباحثون في مجال علم النفس بأنه كل فعل أو همس أو قول أو إشارة أو حركة أو صمت يعكس أي نسبة من الأذى مهما تدنت سواء أكان جسدياً أم معنوياً أم مادياً .
ويرجع معظم الباحثين إيذاء الأطفال والاعتداء عليه إلى العديد من العوامل الاجتماعية والنفسية الثقافية والاقتصادية .
وتمثل العوامل الاجتماعية في الخلافات الزوجية والصراع بين الزوجين والتفكك الأسري والطلاق ونموذج الأب المتسلط.
أما العوامل النفسية فتتمثل في ضعف القدرة على تحمل الإحباط والضغط النفسي وفقدان الإشباع العاطفي والمعاناة من القلق وإضطراب الشخصية والشك والشعور بالاضطهاد والقسوة والصرامة والانفعال وعدم ضبط النفس وضغط الإحساس بالمسئولية تجاه أفراد الأسرة والإدمان على الكحول والمخدرات وعدم قدرة الوالدين على التعاطف مع الطفل.
فيما تتمثل العوامل الثقافية في انخفاض المستوى الثقافي للوالدين والجهل بأساليب التربية الفاعلة والصحيحة وقلة خبرة الأهل في التربية وتوقعاتهم غير الواقعية لقدرات وإمكانات الطفل.
أما العوامل الاقتصادية فتتمثل في الفقر والبطالة , إضافة إلى عوامل أخرى مثل العوامل القانونية المتمثلة في الخلافات على حضانة الطفل وعوامل سياسية مثل وجود أحد الوالدين في دولة أخرى .
ويتنوع الإيذاء للطفل بإيذاء جسدي وهي أفعال يقوم بها الكبار تؤدي إلى إصابة الطفل أذى جسدي يتوفر فيه القصد بالفعل وتكون مكررة .
وإيذاء نفسي يتمثل في إهمال رعاية الطفل صحياً أوتعليمياً أو عاطفياً وقد يتعرض الأطفال لإيذاء غير مباشر يقع من الأسرة وبخاصة الأم وهذا يصيب مشاعرهم وقلوبهم وأفكارهم وسلوكهم .
وإيذاء لفظي وهو الاستمرار في استخدام الألفاظ النابية أو الألفاظ السلبية وإعطاء الطفل ألقابا أو معلومات عن شخصه أو سلوكه وهذا النوع من الإيذاء يعد من أشد أشكال الإيذاء خطراً على الحياة الأسرية لأنه يؤثر على الصحة النفسية للطفل وبخاصة أن الألفاظ المستخدمة تسيئ إلى شخصية الطفل وكرامته ومفهومه عن ذاته .
وإيذاء جنسي وهو القيام بأي تصرف جنسي أو تصرف مثير للرغبة الجنسية أو انتهاك متعدد لخصوصية جسم الطفل بغض النظر عن قبوله لتلك الأفعال أم لا .
وللإيذاء الجسدي آثار سلبية كبرى فالطفل يعتقد أنه من الطبيعي أن يعبر عن غضبه من الطرف الآخر باستخدام السلوك العنيف ويتعلم أن الكبار أكثر قوة وأنه يستطيع عندما يكبر أن يمارس السلوك نفسه لإخضاع الآخرين مع رفضه لا إرادياً المعلومة أو الهدف من وراء استخدام العقوبة البدنية لأنه يتناسى الدافع وراءها خاصة إذا لم يرتبط العقاب بتوضيح لاحق لأسبابه كما يصبح جباناً في مواجهة الآخرين ويرفض التعديل من سلوكه لأنه اكتشف العقوبة الأشد والتي تعد أعلى درجات الإهانة والألم التي يحسها ولا يستطيع التعبير عنها 0
ويرى الباحثون الاجتماعيون أن من أفضل السبل لتعديل سلوك الطفل بديلا للعقوبة الجسدية ترك انطباع قوي وواع لدى الطفل بخطورة أو خطأ ما يفعله سواء عن طريق تبصيره بعواقب عدم الالتزام بالأمر أو بما يصر على فعله إضافة لتحفيز ضمير الطفل فشعور الطفل بالمسئولية هو ذلك النابع من ضمائرنا وبالتالي فإن مخاطبة ضمير الطفل هي ما تجعله أكثر فعالية في عملية التربية ومحاولة منع الطفل من الوصول إلى المغريات المختلفة غير المرغوب فيها من خلال إبعاد الطفل عن كل ما يثير رغبته بالتعرف والفضول بحيث لا يصل إلى ما يشكل خطراً عليه , وتوجيه الطفل إلى خطورة ما قاله أو أسباب اعتبار سلوكه غير لائق على أن يكون ذلك بين الأم وطفلها حتى وإن كان سلوكه المرفوض قد تم في مكان عام بشرح أسباب رفضها لهذا السلوك مع توضيح أن هذا الرفض ليس من صنعها فقط بل هو سلوك يرفضه المجتمع.
ومن الأساليب البديلة للعقوبات النظرة الثاقبة الحازمة والحديث الذي يخلو من التهديد بالعنف فهو أشد ردعاً من الضرب , ومن البدائل أيضاً أن لا يعاقب الطفل فور حدوث المشكلة بل يجب اجتناب الوجود معه أو مواجهته في نفس اللحظة حتى يكون الشخص أقدر على تحديد حجم الخطأ بلا انفعال , ولا يعاقب الطفل فيما لا يستحق بل يعاقب على الأخطاء التي تؤثر سلبياً على تصرفاته وسلوكياته العامة وقيمه المستقبلية .
وشدد الباحثون على أهمية تجنب الأب والأم توجيه أي لفظ ناب قد يحفظه الطفل ويردده بسهولة فالطفل يقتبس من السلوك أكثر من الكلام , فالتوجيه اللفظي وحده غير كاف لتعديل سلوك الطفل ما لم ير قدوة أمامه مع الحرص على تعليم الطفل أن العقاب لا يعني رفضه هو شخصياً بل أن معناه رفض ذلك السلوك منه لأنه يؤلم الآخرين ويظهره بشكل سيئ فمعظم الأطفال يتصورون عقاب الآباء البدني هو رفض شخصي الأمر الذي يقيم حاجزاً بينهم وبين أسرهم .
ونبهوا إلى ضرورة تعزيز المواقف الايجابية لدى الطفل بدل التركيز على السلبيات فقط فالسلوك وتعديله يحتاج إلى كثير من الصبر والمتابعة والقدوة الحسنة لذا يجب عدم اليأس من تعديل السلوك فكل طفل هو خامة قابلة للتعديل وقبوله سواء أكان ذكراً أو أنثى وأياً كان شكله أو ترتيبه بين إخوانه وهذا القبول غير المشروط للطفل له أثره في تقبل الطفل لنفسه ومن ثم تقبل الآخرين له كما أن شعوره بأنه مقبول يجعله مستعداً لتقبل التوجيهات والنصائح ويجعل منه مواطناً صالحاً يستطيع اكتساب قيم المجتمع ومعاييره ومشاركة الطفل في الجلوس والحديث ومما لاشك فيه أن جلوس الوالدين مع أطفالهم يساعد في تهذيب وتنشئة هؤلاء الأطفال التنشئة الاجتماعية السليمة ومساعدة الطفل على التدرج بالاستقلال عن طريق منحه حرية اختيار ما يناسبه من مأكل ومشرب , مع إعطائه الحرية في القيام بأي عمل يحبه بما لا يتعارض مع مصلحته ولا مصلحة المجتمع وعدم وضع قيود أمام تحقيق رغباته , ومنحه الفرصة للانفتاح على الخبرات والتدرج فيها .
spa//