لا للسينما في بلاد الحرمين
لا للسينما في بلاد الحرمين
بقلم : عامر الشهري
يريد البعض ـ وهم قلة ولله الحمد ـ إقناعنا بأننا كشعب سعودي في حالة اكتئاب مستمرة وضيق وضجر ولا حل إلا بافتتاح دورٍ للسينما، حتى يفتح الباب على مصراعيه للأطفال والشباب والنساء لترك منازلهم والاستمتاع بما تبثه هذه الدور من عروض تفيدنا في ديننا ودنيانا.
انشغلت بل اشتغلت بعض القنوات الفضائية بإذاعة وإعداد البرامج كلها تتساءل: لماذا لا يوجد دور للسينما في السعودية؟ "صراحة يشكرون على هذه الجهود يريدون الخير لنا".
بل والله العظيم وأنا أعني هذه اليمين التي أقولها إنهم إنما يريدون الشر والخراب والدمار لبلاد الحرمين الشريفين، ولعلي هنا أسأل كل من يؤيد أو يناصر هذه الفكرة الخبيثة فأقول: ماذا قدمت السينما للدول التي تعج بالكثير من هذه الدور؟ إلى أي مرحلة وصل أبناء هذه الدول؟ كيف تعيش مجتمعاتهم؟
لنأخذ مثلا الدول الغربية تعج بالمئات بل الآلاف من دور السينما، ورغم ذلك فحالات الاكتئاب والانتحار لديهم بنسب عالية جدا، لماذا لم تسهم دور السينما في حل هذه الإشكالات أو المشكلات الصحية؟ في حين أن هناك من يزعم ـ ولا أريد أن أستبدلها بكلمة أخرى ـ أننا نحتاج هنا في المملكة إلى أن نروح عن أنفسنا بهذه الدور، حتى لا يضطر بعض الشباب أو المراهقين للسفر إلى خارج الوطن والذهاب إلى دور السينما، وهذا كلام غير صحيح فحتى من يسافرون إلى خارج الوطن ليس شرطا أن يكون هدفهم الذهاب إلى السينما، وإن وُجد فهم قلة، فهل تريد إرضاء هذه القلة على حساب تدمير مجتمع بأكمله؟
أما الأهم من كل هذا، هل تجتمع دور السينما التي تعرض الأفلام الماجنة والمغنين والراقصات والماجنات، في بلاد الحرمين الشريفين، مع توافد المعتمرين وقاصدي البيت الحرام وزوار مسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، أم هل تجتمع وجود هذه الدور مع توافد المسلمين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، يأتوا ليحجوا ويتعبدوا ونحن مكلفون كدولة وشعب بخدمتهم والسهر على راحتهم والحرص على أمن وطننا، فإذا بنا نتسابق على دور السينما، فبدل أن نستقبلهم بالابتسامة والتهليل والترحيب نكون متواجدون في هذه الدور، وبدل أن نودعهم بالمصاحف، يعودوا كما أتوا ونحن منشغلون بالترويح الماجن.. أهذا ما يريده هؤلاء؟
للعلم فإن التجربة العالمية وعلى مدى قرون وأزمنة عديدة أثبتت أن الفن وتحديدا "السينما" أسهمت بدورٍ حاسم في خراب وجر هذه المجتمعات إلى الانهيارات الأخلاقية والقيمية وحتى الاقتصادية.
أعود للتساؤل من جديد: ماذا قدمت السينما للإنسانية؟ قد يدعي بعض هؤلاء أنا هناك أفلام هادفة وجيدة، ونسايرهم ونقول قد يكون هناك أفلام هادفة، لكن ما نسبتها 1 أو 2 أو 3 في المائة مقارنة بملايين الأفلام التي تدعو إلى الفجور والسفور والانحلال الأخلاقي والشذوذ والجريمة بكل صورها وكلها تغذيها السينما ولا يستطيع أحد إنكار هذه الحقيقة ومن أراد التثبت فليسأل المجتمعات أو الدول التي ابتليت بهذا الداء.
إنني أستغرب من يعتقدون في مثل هؤلاء (الفاشلين) القدوة، فترى الواحد منهم ـ أي الممثلين ـ يتباهي بفشله وأنه فترة الدراسة كان يهتم بالتمثيل والمسرح أكثر، فيا للهول منذ متى يقدم التمثيل و"السخف" على العلم وطلبه، وبعد كل هذا ننجر وراء هؤلاء "السذج"، ومنا ـ وبكل أسف ـ من يمجدهم ويضع صورهم حتى في غرفة نومه، وتجده يعرف عنه كل صغيرة وكبيرة، بينما لو سألته عن عالم معين لا يستطيع إفادتك بشي.. وهذا من بركات، بل من سخطات "السينما" على الشعوب المسلمة.
إن أملنا كبير في الله أولا وأخيرا، ثم في قيادة هذه البلاد، متمثلة في ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ وولي عهده ـ أدام الله عليه الصحة والعافية وأعاده إلى أرض الوطن سالما معافى ـ والنائب الثاني ـ وفقه الله ـ في أن يقفوا في وجه كل من يحاول النيل من هذه البلاد عن طريق دينها وأخلاقها ممثلا في أبنائها، وملكنا ـ حفظه الله ورعاه ـ دائما يردد ويقول: "اثنان لا مساومة عليهما: دين ووطن".
عامر الشهري
Am_alshry@hotmail.com
الرياض