×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

لماذا تكون بلادنا هدفًا لتسويق المخدرات؟

لماذا تكون بلادنا هدفًا لتسويق المخدرات؟
كل سلعة معروضة للبيع تخضع لحجم الطلب الذي يحدد كمية التسويق، وهو عرف لدى المتعاملين في استيراد السلع الاستهلاكية المختلفة، وكلما كان المعروض يجد رواجًا فإن ذلك يعني قبولاً لدى المجتمع بهذه المادة أو تلك التي تتزايد مبيعاتها في السوق.
ومن خلال هذه المعادلة في تجارة الحلال فإن المقياس نفسه يسري على تجارة الحرام، وهو ما يقودنا إلى السؤال: لماذا تكون بلادنا سوقًا مستهدفة لتهريب وترويج المخدرات بكميات هائلة ـ طبقًا لما أعلنته وزارة الداخلية في الأسابيع القليلة الماضية وكذلك يوم أمس السبت ـ والتي قام رجال حرس الحدود مشكورين بإحباط دخولها إلى المملكة؟
وهنا يمكن القول: إنه لولا معرفة المهربين والمروجين بوجود سوق لبضاعتهم لما فكروا في المغامرة. وهو ما يقودنا إلى السؤال الآخر: هل بيئتنا الاجتماعية وتربيتنا الدينية والأخلاقية أصبحت قابلة لهذا النوع من السموم؟ ولماذا؟
قد يكون هناك الكثير من الأجوبة مثل: الفراغ والبطالة والإحباط، وهي عوامل تؤدي إلى اللجوء للمخدرات في نظر بعض علماء النفس.
لكني هنا أختلف إلى حد كبير مع هذه النظرية إذا ما وقفنا على الجانب التربوي، سواء من الناحية الدينية أو الأخلاقية أو الصحية داخل الأسرة، وداخل المدرسة، وبين أفراد المجتمع الكبير.
فإذا كانت البطالة سببا فلماذا يفد إلى بلادنا عدد كبير من العمالة الذين واجهوا البطالة في بلدانهم بالبحث عن العمل عندنا، ولم يلجأوا للمخدرات رغم توفرها في بلدانهم. وإذا كانت أسرة فقيرة تعيش على الكفاف داخل مجتمعنا ومع ذلك أبناؤها أسوياء ليس فيهم من يتناول المخدرات .. فلماذا أيضا نجد أسرة أخرى ميسورة الحال، ومع ذلك يتناول أبناؤها أو بعضهم سموم المخدرات؟
ثم إذا كان الإحباط نتيجة العوز المادي الذي سببته البطالة عند بعض الشباب ـ طبقا لنظريات المجتهدين في بحث القضية ـ فكيف يستطيع الإنفاق على شراء المخدرات؟
وبالتالي فإننا أمام قضية اجتماعية خطيرة، يجب ألاَّ نترهل في معالجتها، ولابد من وضع استراتيجية جديدة لمكافحة المخدرات من خلال تكثيف التوعية وتفعيل دور المؤسسات التعليمية والاجتماعية والإعلامية وتثقيف الأسرة، خاصة أن المخدرات تشكل الجزء الأكبر من أسباب الجريمة داخل المجتمع، ومن ثم فإن الرقابة الأمنية على منافذ الدخول لا تكفي وحدها للمواجهة بقدر ما نحن بحاجة إلى معالجة الوضع من الداخل.
كما أن على شباب هذه الأمة أن يدركوا جيدًا أن وطنهم هو قبلة الإسلام والمسلمين والبناء الإنساني والحضاري، ومن ثم لا يمكن أن يكون قبلة لتجار ومروجي السموم الذين يريدون النيل من هذا التميز، ومن هذه المكتسبات، من خلال تدمير العقول وتعطيل الأجساد ونشر أدوات الجريمة والضياع.
على أنني أتمنى على خطباء المساجد تناول هذه القضية بدلا من أن يغرق البعض في البكاء على المنابر تحت عناوين قضايا هي من المسلمات التي يدركها المجتمع جيدًا
ناصر الشهري
مدير تحرير صحيفة البلاد السعودية
 0  0  2667