×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

هل نحن أمام إشكالية الرأي الصحفي؟

هل نحن أمام إشكالية الرأي الصحفي؟



:- ناصر الشهري
في صحافتنا المحلية تبرز أمامنا شرائح من بعض الكتاب الذين \"يتوزعون\" قضايا الوطن بأساليب مختلفة وعلى طريقتهم الخاصة.. حيث نجد أن هناك من لا يكل ولا يمل من نقد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل تسجيل ما يعتقد أنه بطولة على حساب رجال الهيئة.
وآخر لا همَّ له سوى نقد الخدمات التي تقدمها الدولة، في حين لا يمكن أن يكتب شيئا عمَّا تقوم به أي وزارة من مشروعات عملاقة. وهو بذلك يحاول أن يسجل بطولة على حساب منجزات الدولة. وثالث يتبرع بتقديم شهادات للدولة عن الانتهاء من مشاريع مازالت تحت الدراسة، أو في طور المراحل الأولى من التنفيذ، أو في ذمة الوقت والأمل، وهذا الأخير يريد أن يسجل حضورًا على حساب المواطن أو على طريقة \"خشوني لا تنسوني\"!!
أحدهم قال: إنه لا يوجد فقير في المملكة إلاّ ويتقاضى راتبًا من الدولة!! وهي شهادة لا يمكن أن يقبلها أي مسؤول في الحكومة، خاصة إذا أدركنا أنه ليس بمقدور أكبر دول العالم اقتصاديا أن تصل إلى مستوى عدم وجود فقراء بين مواطنيها، وهذه طبيعة الحياة والبشر والإمكانيات.
ومع ذلك تعمل المملكة على محاربة الفقر وفق خطط متعددة ومنهجية تخضع لتقصى الحقائق، وهو ما أدى إلى رفع مستوى الصرف على الضمان الاجتماعي والاستمرار في ضم المحتاجين إلى برامج الضمان الاجتماعي والمساعدات الحكومية.
غير أنه من الصعب أن نقول: إنه لم يعد هناك فقراء.. وإلاّ فإن مشروع مكافحة الفقر سيتوقف عند هذا الحد من الاكتفاء الذاتي إذا صحّت شهادة الأخ الكاتب الذي تبرع بها خلال الأيام القليلة الماضية.
وهنا أعود بالذاكرة إلى الوراء حين دخل رجل اقتصادي كبير ذات يوم في مجلس احد كبار المسؤولين في الحكومة قبل عدة سنوات حيث قال: \" يا طويل العمر.. كل المواطنين في مستوى عالٍ من الرفاهية حتى في أقصى الجنوب نجد أن أهالي \"جيزان\" يمتلك كل مواطن منهم \"فلة\" وأمامها سيارة خاصة. ولدى نسائهم كميات كبيرة من الذهب\".
عندها رد عليه المسؤول الكبير في لهجة غاضبة قائلاً : أنت غير صادق .. ولو وصلنا إلى مرحلة ما تقوله لتوقفنا عن مشاريع التنمية وتقديم الخدمات الاجتماعية للمواطنين. وما كان من الحضور إلاّ أن صفقوا كثيرًا لوعي المسؤول ورفضه لهذا النوع من النفاق.
وذات صباح وفي إحدى الصحف كتب أحدهم مقالاً يشكو فيه من عدم وصول الخدمات إلى أحد الأحياء وأخذ يصف حالة سكان الحي ومعاناتهم من عدم وجود التجهيزات الأساسية، فما كان من أحد كبار المسؤولين في الدولة إلاّ أن أرسل لجنة لتقصي الحقائق، وعند وصول اللجنة وجدت أن الحي الذي يتحدث عنه الكاتب خالٍ من السكان ومن المباني وأن الموقع مجرد مخطط يريد صاحبه بيعه والترويج له من خلال استخدام كاتب المقال.
هكذا يبدو مشهد الرأي العام والانعكاسات السلبية لما يعتقد بعض الكتاب أنه ممارسة للرأي من أجل الكتابة فقط والحضور الاجتماعي بعيدًا عن المصداقية وبعيدًا عن حجم مسؤولية الكلمة في زمن وصلت فيه ثقافة المتلقي إلى مرحلة عالية من الوعي الذي لا يقبل التضليل سواء على مستوى المواطن أو المسؤول.
وبالتالي فإنني اعتقد أننا أمام إشكالية تحتاج إلى معالجة حقيقية لقضية الرأي ومضمون الطرح الذي أصبح يغلب عليه طابع التسطيح عند بعض الكتاب ومحاولة مصادرة الوعي إلى حد الاستفزاز


صحيفة البلاد
 0  0  2666