×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

حينما يتحول تشجيع كرة القدم إلى هوس!!

حينما يتحول تشجيع كرة القدم إلى هوس!!

بسطت كرة القدم أشرعتها ونصبت أعمدتها في قلوب ملايين البشر في كافة أنحاء العالم كأكثر الألعاب شعبية وإثارة, هذه الحقيقة لاتقبل الجدل وبعيداً عن الخوض في وصفها وسبر أغوارها ومراحل تطورها لن أسهب فأنتم أكثر مني معرفة بكل التفاصيل المحيطة بها ولكنني في عجالة كهذه سأترك لخيالكم الخصب أن يرسم صوراً مختلفة عن هذه اللعبة المثيرة للاهتمام وأنا معكم أيضاً ولكن من زاوية أخرى لنقف على الجوانب السلبية التي أفرزتها لنا من خلال نبرة الخطاب الرياضي المتطرف ونشوء بيئة غير صالحة لاستنبات الروح الرياضية التي فقدت حضورها إلى حد ما بعد أن نمت وتكاثرت فيها أنماط شتى وأشكال متعددة من أوجه التعصب الرياضي وما تولد عنه من مشاحنات وتصفية حسابات لاتتفق مع الأهداف الحقيقية والمقاصد السامية للرياضة بسبب بعض المحسوبين عليها وهي منهم براء.
إن مثل هذه التجاذبات والمهاترات التي نلاحظها مع الأسف يومياً على أعمدة الصحف قد فاقت كل التصورات وأحدثت احتقاناً لا مبرر له ورسمت على الشفاه علامات استفهام يعلوها الذهول والاستغراب والاستهجان باعتبارها ظاهرة تغذي روح التعصب وتشحن الشارع الرياضي.
الأمر ليس عادياً كما يتصوره البعض ولا وجهة نظر عابرة كما يعتقدون ,بل هو منعطف خطير ظهر في لحظة حرجة وفي معترك البحث عن مخرج للاحتقان الجماهيري الذي خيم على المدرجات الرياضية وما نتج عنه من قرارات بنقل بعض المباريات أو إقامتها بدون جمهور أو لفت نظر أندية.
وفي غمرة البحث عن مخرج وعلاج جذري لحالات الاحتقان الجماهيري أطل علينا رجل طوى الزمن صفحته ليعلن على الملأ وعبر صحيفة واسعة الانتشار تأكيد كرهه لأحد أندية الوطن بل شدد على انه سيقتل ابنه لو علم انه يشجع ذلك النادي والأدهى من ذلك أن الصحيفة قد ذكرت أنها لم تنشر سوى (25%) من اللقاء .فهل كانت هذه خلاصة تجربة سبعين عاماً في مجال الرياضة أم أنها ثمرة عمل امتد لعقود من الزمن لملاحق رياضية عرفت بميولها وتعاملت مع النقد حسب ماتمليه عواطف محرريها وكتابها دون حسيب أو رقيب حتى أتت هذه اللحظة التي لم نكن نتمناها ولم نكن نتمنى أن يكون الشيخ في موقف محرج كهذا نتيجة قناعة شخصية مكانها القلب وليس على أعمدة الصحف ,وقد كان بالإمكان أن يزرع في طريق عبوره نحو الآخرة وروداً يفوح أريجها وشذاها في كل المدرجات وهو في مرحلة خريف العمر,فهو بحاجة إلى وداعية تليق بسنه ومن المفترض أن يضع هذه التجربة الطويلة التي قضاها في دهاليز الرياضة بين يدي جيل صاعد متحمس لتكون سبيلاً لدرء مخاطر التعصب ,ولكن التصريح أعاد الموضوع إلى نقطة الصفر,وهنا يتضح دور مثل هذه التصريحات الغير مسؤولة التي تساهم في نشر ثقافة الكره والتعصب الرياضي على أوسع نطاق .
وبدورنا نطرح هذا التساؤل.
ما الذي يضير الشيخ لو أنه احتفظ بقناعاته في دولاب أسراره ؟خاصة وان الجميع يعرف ميوله ولن يساومه أحد على تلك العلاقة الموغلة في القدم بينه وبين ناديه, وكنا سنعذره بعد أن تجاوز الثمانين من عمره وما يعقبها من مرحلة تستوجب منا الدعاء له ولغيره بحسن الخاتمة لولا أن فريقاً من المدافعين عن تصريحاته قد انبروا للدفاع عنه وتبرير حديثه وهي ثالثة الأثافي التي فاجأت الشارع الرياضي في مرحلة الهدوء بعد صخب موسم رياضي حافل بالإثارة والندية.
إن مثل هذه التصريحات واللقاءات الصحفية ليس فيها مايخدم الرياضة ولا أهدافها ولا تمثل حرية رأي شخصي عفوي ينتهي به المقام إلى النسيان ,بل هي مصادمة واضحة لنهج وسياسة وثوابت رعاية الشباب التي من ضمنها تهذيب سلوك الشباب بمختلف ميولهم والنأي بهم عن الانزلاق خلف العبارات والألفاظ المسيئة.
وقفة تأمل:
في صحيفة محلية تصدر من العاصمة أتابع يوم الأحد من كل أسبوع زاوية رياضية تنضح بالتعصب الممقوت وحالة أخرى من حالات التجني على الرياضة لأحد الكتاب المتيمين بحب أحد الأندية على حساب الأخرى حين تقمص هذا الكاتب دور الناقد وتأبط قلمه وشرع يكتب أحرفاً تنسج رداء التعصب في أوساط الجماهير الرياضية, ولهول ما أقرؤه أعتقد أنه لايوجد لدينا سوى هذا النادي وما سواه من الأندية إنما هي من بلاد الواق واق ,ولا أدل على ذلك إلا حينما تسمع النصائح التي تقدم باستجداء وإلحاح عجيب تجاه ذلك النادي ومسؤوليه وتقرأ التحذيرات التي تطلق هنا وهناك محذرة من أعداء وهميين ليس لهم وجود سوى في الخيال الذي تحركه بوصلة الميول المبالغ فيه للنيل من الجميع حسب المصلحة وتكون الأطروحات الساخرة والمجانبة للحقيقة أشد ألماً حينما تشتد وتيرتها ونبرتها بشكل متواصل ضد نادً عريق منافس بمناسبة وبدون مناسبة ,وحينما تقرأ العبارات التسطيحية التي تستخدم لإظهار الولاء والمحبة للنادي المفضل تعتقد انك أمام نشرة صادرة عن النادي نفسه وليتها كانت كذلك حتى نعذر الكاتب ونؤكد أحقيته في ممارسة دوره التشجيعي لناديه ويعزز علاقته به بعيداً عن تحمل مسؤولية الكلمة التي ظلت طريقها ونحت منحى آخر يصنف في خانة التشجيع الأعمى , وحينما يكون ذلك الطرح بعيداً عن الواقعية والمصداقية وعبر صحيفة تدعي الحياد وأنها ملك للجميع فإن الأمر يعتبر مثار استغراب,ومن هنا كان لزاماً على الكاتب أن يتخلى عن الميول لحظة الطرح ليكسب ود الجميع ويسعى إلى طرح الجديد من الأفكار البناءة مايصلح به الخلل ويزرع في نفوس الأجيال الصاعدة مهارة الروح الرياضية ,طالما أن الصحيفة تخاطب العقول لا العواطف , لكن العجب يزول وتنجلي حقيقة الموضوع حينما يعرف أن علة الميول الفاضح هي التي فرضت على الكاتب هذا النمط من الطرح وأرغمته على أن يتخلي عن المصداقية ويستبدلها بسوط يجلد به كل من يخالفه الميول ويسعى به إلى ترويض الأصوات المعتدلة وتثبيت أركان التعصب الأعمى وتلميع وتحسين صور زملاء مهنته الأشاوس بعيداً عن الرقابة الذاتية للضمير الذي يفترض أن يكون محايداً طالما أنه يحمل لقب كاتب رياضي وليس مشجع نادي.

عبد الله محمد فايز الشهري
كاتب سعودي
ومشرف قسم المقالات بموقع تنومة الإلكتروني
هذا المقال منشور في صحيفة الحياد الإلكترونية
 0  0  3479