×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الأسبوع الأول في المدرسة (طفل صغير وخوف كبير)

علي بن هشبول
بواسطة : علي بن هشبول

إن رعاية الطفل ذات مكانة في جميع القوانين والأنظمة إلا أنها ذات مكانة عالية في التشريع الإسلامي حيث أكدت على رعايته النفسية قبل البدنية باعتباره إنساناً ذا قيمة. وقد اهتم الإسلام بعقل الإنسان واحترمه بصفته مخلوق مفكر، واهتم بوجدانه وتهذيب سلوكه، وأقر بجميع دوافعه وحاجاته المتعددة، وسن إشباعها بطرق منظمة آمنة. فأكد على تحرير ذلك الإنسان من الخوف والترويع. وقد ركز الإسلام على أهمية حقوق الطفل، فأكد على التنشئة السوية في ظل أسرة هادئة واعية وقدوة صالحة يجدها في والديه.
إن الرفق بالأطفال منبعه الرحمة وتقدير البراءة، والدراية بالحاجات، وهو سلوك يوافق الفطرة السوية. وقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالأطفال، بل وحتى بالأجنة في أرحام أمهاتهم إذ كان يُقَبّل الأطفال ويداعبهم ويربت على أكتافهم ويمسح خدودهم ورؤوسهم، وكانوا يقعون على ظهره وصدره فيُقَبلهم ويلتزمهم. قال صلى الله علية وسلم إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ). رواه البخاري.
وعندما يكمل الطفل عامه السادس فهو يعيش بداية مرحلة الطفولة المتوسطة التي تتميز بخصائص نمو معينة، ومن المحتم على الأسرة والمدرسة مراعاة هذه الخصائص في المناحي المتعددة للنمو.
إن هذه الفترة( دخول المدرسة وبداية المشوار التعليمي) مرحلة حرجة من مراحل نمو الإنسان، وتتزامن مع تزايد مخاوف الطفل. والخوف حالة انفعالية تبررها مواقف خطرة من وجهة نظر الطفل، وهو من المظاهر الطبيعية لدى جميع الأطفال ما دام في الحدود الطبيعية ، وكلما كان الطفل أكثر تخيلا كلما كان أكثر تخوفا.
وعلى وجه العموم فإن هناك اعتقادا لدى الأطفال بأن العالم يمثل خطرا عليهم، وهم( كما يرون) غير قادرين على مواجهة ذلك الخطر بمفردهم. ولذا فإن من الواجب أن نكون معهم في فتراتهم الانتقالية أكثر مساندة وتطميناً.
ومن ضمن مخاوف الطفل في هذه المرحلة الخوف من فقدان الآخرين، والخوف من الأصوات المرتفعة( كالأجراس)، وكذا الخوف من الطريق وما يتوقعه من الضياع والاعتداء من قبل المجهولين ونحو ذلك. كما أن الطفل في هذه المرحلة يخشى الانفصال عن والديه وعن أمه تحديدا بشكل أكبر، كما أنه يخشى إذا خرج من البيت ألا يعود أليه فيفضل أحيانا ألا يخرج منه ابتداءً. وتظهر هذه المخاوف في شكل أعراض مختلفة منها : البكاء وألم البطن والتبول غير الإرادي، وكذا اضطراب النوم وفقدان الشهية للطعام، وربما ظهرت على بعض الطلاب أعراض القلق والاكتتاب ، وربما أدت تلك الأعراض إلى العدوانية والكذب والتلعثم، وتصنع المرض، والصمت المستمر عند بعض الأطفال. وقد تستمر هذه الأعراض لدى البعض لأسابيع إذا لم تتم عملية التهيئة النفسية اللازمة.
هذا ويأتي الخوف من المدرسة كبيئة جديدة على قائمة مخاوف الطفل في هذه المرحلة، ويُعتبر من المشكلات عالية الخطورة على حياة الطفل التعليمية والاجتماعية والنفسية . حيث تذكر نتائج البحوث العلمية أن معظم المخاوف المرضية المنتشرة بين الأطفال ترتبط بالمدرسة بنسبة (86%). كما تُثبت بعض الدراسات أن للإرشاد النفسي دوراً في التخفيف من تلك المخاوف بنتائج على درجة عالية من الوثوق.
وبما أن الالتحاق بالمدرسة أمر حتمي فلا بد من اتخاذ أسلوب توفيقي بين المدرسة والأسرة يشجع الطفل على الخروج إلى المدرسة في ظروف آمنة. وفي هذا الصدد فإن من الأخطاء التي يجب أن يُنبه إليها أولياء أمور الأطفال ويُحَذَّرون منها، هو موافقة الطفل على المكوث في البيت ورفض المدرسة لأن ذلك يعد اعترافاً ضمنياً من الأسرة بأن المدرسة مكان مخيف، وإن قالت تلك الأسرة للطفل عكس ذلك.
وفي المقابل ولكي نساعد الأطفال ليندمجوا في البيئة الجديدة فإنه من المحتم علينا أن نجعل من يوم الذهاب إلى المدرسة يوماً سعيداً، ويجب عمل كل ما من شأنه ترغيب الأطفال في المدرسة بالأساليب الإرشادية النفسية التربوية المناسبة، لتجنيبهم الآثار السلبية الآنية والمستقبلية إذ يضعون أقدامهم الغضة بخطواتهم الأولى على الطريق الطويل.
إن هذه القلوب الصغيرة الخافقة بالخوف تعد مصدراً من مصادر الضيق للأسرة والمدرسة أحياناً ولكنها تبقى في أمس الحاجة إلى الرعاية والتهيئة، وعندما تسعى هاتان المؤسستان الهامتان في التربية( الأسرة والمدرسة)إلى التغلب على خوف الأطفال(الطلاب) من المدرسة، فعندئذ يمكن أن تمر هذه الفترة بسلام.

بقلم الأستاذ
علي بن محمد بن هشبول
بواسطة : علي بن هشبول
 0  0  7268