شعر العرضة الشعبية عندما يسهم في حل الخلافات بين المتخاصمين
شعر العرضة الشعبية عندما يسهم في حل الخلافات بين المتخاصمين
كما أن للشعر أنواعاً متعددة كشعر المدح والهجاء والغزل وغيره فإن للشعر قديما أدوار اجتماعية مهمة جداً، ومن أهم هذه الأدوار إصلاح الخلافات بين الناس سواء كانوا مجموعات أو فرادى، وفي ما يلي نعرض لقصة توضح دور الشعر في إصلاح الخلاف بين طرفين قصها لنا المؤلف والكاتب الشعبي عبد الله بن ظافر البهيشي، حيث يقول في أواخر القرن الثالث عشر الهجري تقريباً كان أحد الأفراد بتهامة عسير يقيم مع أبناء عمومتهم في الظهارة بمحافظة النماص حاليا، وفي أحد الأيام خرج عدد منهم وكانوا يتدربون على الرماية والقنص، وحدث ما لم يكن في الحسبان، حيث زاد كمية البارود في بندقيته أكثر من اللازم وأدى ذلك إلى انفجارها وأصُيب بإصابات خطيرة ونظراً لعدم توفر العلاج توفي بعد عدة أيام واستغل البعض الوضع وحاولوا الوقيعة بين الطرفين رغم أن المتوفي برأ جميع من كان معهم وأخبر أهله بذلك قبل وفاته بأنه سبب نفسه ولا يتهم أحد، ولكن المشكلة تطورت بين الطرفين فيما بعد حتى وصلت إلى طريق مسدود، وفي النهاية تغلب العقل على العاطفة وتقرر حلف أيمان من قبل جماعة المتهم على قص العلم وعاد الخلاف ثانيةً على عدد الأيمان حيث طلب اهل المتوفي 25 يمينا، وهذا متعارف عليه قديما في حالة القتل المتعمد ولم يرض جماعة المتهم بذلك لأنهم لم يكونوا السبب في الوفاة عندها طلبوا حضور 200 شخص من أجل أن يتوصلوا لحل لهذه المشكلة يكون مرضي للطرفين واستقبلوهم في الظهارة وتقدم شاعرهم ورحب بالضيوف وأراد أن يصلح المشكلة بدون أن يعلم أحد الطرفين، حيث قدم قصيدة خلال العرضة الجنوبية في استقبال الضيوف من بدع ورد كما يلي :البدع:
مرحباً هيل يا من يخفض الجني
من تمنى ملاقاكم يامنكم
غره الموت في الدنيا على أمديني
الرد:
والله لو كان هذا الفعل جاء مني
قدره ربي الخالق وجاء منكم
إني لجوز له والله علم ديني
طبعاً الشاعر أعطى البدع للضيوف والرد للمضيفة، أي أن جماعة المتهم الذين رفضوا أيمان 25 حالفا أخذوا يرددون ما قال الشاعر في الرد، واستمرت العرضة ثم تقدم شيخهم، حيث حمد الله وأثنى عليه ثم قال (يالربع) ترانا صلحنا ولا عاد لنا عند (ربعنا) لا دعوة ولا طلب، فاستغرب الجميع كيف تم الصلح بينهم فقال طلبنا في السابق أيمان 25 حالفا فامتنعوا والآن حلف لنا 200 شخص، وبهذا استطاع هذا الشاعر الفذ من خلال هذه الأبيات إصلاح المشكلة، وهذا يوضح وجوب أخذ العبر والدروس وتوجيه الشعر إلى ما يصلح حال المجتمع.
نشر بصحيفة الرياض
الأربعاء 17 جمادي الأخر 1430هـ - 10 يونيو 2009م - العدد 14961
كما أن للشعر أنواعاً متعددة كشعر المدح والهجاء والغزل وغيره فإن للشعر قديما أدوار اجتماعية مهمة جداً، ومن أهم هذه الأدوار إصلاح الخلافات بين الناس سواء كانوا مجموعات أو فرادى، وفي ما يلي نعرض لقصة توضح دور الشعر في إصلاح الخلاف بين طرفين قصها لنا المؤلف والكاتب الشعبي عبد الله بن ظافر البهيشي، حيث يقول في أواخر القرن الثالث عشر الهجري تقريباً كان أحد الأفراد بتهامة عسير يقيم مع أبناء عمومتهم في الظهارة بمحافظة النماص حاليا، وفي أحد الأيام خرج عدد منهم وكانوا يتدربون على الرماية والقنص، وحدث ما لم يكن في الحسبان، حيث زاد كمية البارود في بندقيته أكثر من اللازم وأدى ذلك إلى انفجارها وأصُيب بإصابات خطيرة ونظراً لعدم توفر العلاج توفي بعد عدة أيام واستغل البعض الوضع وحاولوا الوقيعة بين الطرفين رغم أن المتوفي برأ جميع من كان معهم وأخبر أهله بذلك قبل وفاته بأنه سبب نفسه ولا يتهم أحد، ولكن المشكلة تطورت بين الطرفين فيما بعد حتى وصلت إلى طريق مسدود، وفي النهاية تغلب العقل على العاطفة وتقرر حلف أيمان من قبل جماعة المتهم على قص العلم وعاد الخلاف ثانيةً على عدد الأيمان حيث طلب اهل المتوفي 25 يمينا، وهذا متعارف عليه قديما في حالة القتل المتعمد ولم يرض جماعة المتهم بذلك لأنهم لم يكونوا السبب في الوفاة عندها طلبوا حضور 200 شخص من أجل أن يتوصلوا لحل لهذه المشكلة يكون مرضي للطرفين واستقبلوهم في الظهارة وتقدم شاعرهم ورحب بالضيوف وأراد أن يصلح المشكلة بدون أن يعلم أحد الطرفين، حيث قدم قصيدة خلال العرضة الجنوبية في استقبال الضيوف من بدع ورد كما يلي :البدع:
مرحباً هيل يا من يخفض الجني
من تمنى ملاقاكم يامنكم
غره الموت في الدنيا على أمديني
الرد:
والله لو كان هذا الفعل جاء مني
قدره ربي الخالق وجاء منكم
إني لجوز له والله علم ديني
طبعاً الشاعر أعطى البدع للضيوف والرد للمضيفة، أي أن جماعة المتهم الذين رفضوا أيمان 25 حالفا أخذوا يرددون ما قال الشاعر في الرد، واستمرت العرضة ثم تقدم شيخهم، حيث حمد الله وأثنى عليه ثم قال (يالربع) ترانا صلحنا ولا عاد لنا عند (ربعنا) لا دعوة ولا طلب، فاستغرب الجميع كيف تم الصلح بينهم فقال طلبنا في السابق أيمان 25 حالفا فامتنعوا والآن حلف لنا 200 شخص، وبهذا استطاع هذا الشاعر الفذ من خلال هذه الأبيات إصلاح المشكلة، وهذا يوضح وجوب أخذ العبر والدروس وتوجيه الشعر إلى ما يصلح حال المجتمع.
نشر بصحيفة الرياض
الأربعاء 17 جمادي الأخر 1430هـ - 10 يونيو 2009م - العدد 14961