×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

في ذكر الفصحاء من الرجال

ابو فراج
بواسطة : ابو فراج
[CENTER][B]بسم الله الرحمن الرحيم


في ذكر الفصحاء من الرجال
(من التراث صفحات نتذاكر فيها قول الماضين فان في أقوالهم الحكمة المرسلة ،النكتة الفكهة ، القول المعجب ، النصيحة البالغة ، وفي جملة أقوالهم إمتاع ومؤانسة .. لغة وأدب .. فصاحة لسان وسرعة بديهة.. وبالصورة نسترجع تاريخ امة سلفت .. وتراث حضارات سادت ثم بادت.
دخل الحسن بن الفضل على بعض الخلفاء وعنده كثير من أهل العلم فأحب الحسن أن يتكلم فزجره وقال يا صبي تتكلم في هذا المقام فقال يا أمير المؤمنين إن كنت صبيا فلست بأصغر من هدهد سليمان ولا أنت بأكبر من سليمان عليه السلام حين قال أحطت بما لم تحط به ثم قال ألم تر أن الله فهم الحكم سليمان ولو كان الأمر بالكبر لكان داود أولى ولما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز أتته الوفود فإذا فيهم وفد الحجاز فنظر إلى صبي صغير السن وقد أراد أن يتكلم فقال: ليتكلم من هو أسن منك فانه أحق بالكلام منك فقال الصبي يا أمير المؤمنين لو كان القول كما تقول لكان في مجلسك هذا من هو أحق به منك قال: صدقت فتكلم فقال يا أمير المؤمنين أنا قدمنا عليك من بلد نحمد الله الذي من علينا بك ما قدمنا عليك رغبة منا ولا رهبة منك إما عدم الرغبة فقد أمنا بك في منازلنا وإما عدم الرهبة فقد أمنا جورك بعدلك فنحن وفد الشكر والسلام فقال له عمر رضي الله عنه عظني يا غلام فقال يا أمير المؤمنين إن أناسا غرّهم حلم الله وثناء الناس عليهم فلا تكن ممن يغرّه حلم الله وثناء الناس عليه فتزل قدمك وتكون من الذين قال الله فيهم( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) فنظر عمر في سن الغلام فإذا له اثنتا عشرة سنة فأنشدهم عمر رضي الله تعالى عنه:
تعلم فليس المرء يولد عالما*** وليس اخو علم كمن هو جاهل
فان كبير القوم لا علم عنده*** صغير إذا التفت عليه المحافل
(وحكي) أن البادية قحطت في أيام هشام فقدمت عليه العرب ، فهابوا أن يكلموه ، وكان فيهم درواس بن حبيب وهو إبن ست عشر سنة ، وله ذؤابه وعليه شملتان فوقعت عليه عين هشام ، فقال لحاجبة : ما شاء أحد أن يدخل علي إلا دخل حتى الصبيان ..
فوثب درواس حتى وقف بين يديه مطرقاً ، فقال يا أمير المؤمنين إن للكلام نشراً وطياً ، وأنه لا يعرف ما في طية إلا بنشرة ، فأن إذن لي أمير المؤمنين ان أنشرة نشرته ، فأعجبه كلامة وقال : أنشره لله درك..
فقال : يا أمير المؤمنين أنه أصابنا سنون ثلاث ، سنه أذابة الشحم ، وسنة أكلت اللحم ، وسنة دقة العظم ، وفي أيديكم فضول مال ، فإن كانت لله ففرقوها على عبادة ، وإن كانت لهم فعلام تحبسوها ، وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم ، فإن الله يجزي المتصدقين..
فقال هشام : ما ترك الغلام لنا في واحده من الثلاث عذراً ، فأمر للبوادي بمائة ألف دينار ، وله بمائة ألف درهم ، ثم قال له : ألك حاجة ؟ قال : مالي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين ، وخرج من عنده وهو من أجل القوم
وقيل: ان سعد بن ضمرة الأسدي لم يزل يغير على النعمان ابن المنذر يستلب أمواله حتى عيل صبره، فبعث إليه يقول: ان لك عندي ألف ناقة، على انك تدخل في طاعتي، فوفد عليه وكان صغير الجثة فاقتحمته عينه وتنقصه فقال : مهلا أيها الملك، ان الرجال ليسوا بعظم أجسامهم وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، ان نطق نطق ببيان، وان صال صال بجنان، ثم أنشأ يقول:
يا أيها الملك المرجو نائله ****إني لمن معشر شم الذرى زهر
فلا تغرنك الأجسام ان لنا ****أحلام عاد وان كنا إلى قصر
فكم طويل إذا أبصرت جثته ****تقول هذا غداة الروع ذو ظفر
فان ألم به أمر بأفظعه ****رأيته خاذلا للأهل والزمر
فما أحسن أن نجني من حدائق التراث مثل هذه الفواكه الجنيه ونأخذ العبر والدروس والكيّس من استفاد وأفاد ...

بقلم الأستاذ
محمد بن فراج الشهري
بواسطة : ابو فراج
 0  0  3003