العطاء المفقود
بسم الله الرحمن الرحيم
العطاء المفقود
إن ما يغيب عن أذهان معظم الناس هو أن العطاء العفوي , الخالص من الأنانية وحب المنفعة , يحمل بين طياته المكافأة والثواب دونما جهد يُبذل من المعطي .. راقب نفسك وأنت تضعُ بعض النقود سراً في جيب فقير بائس تعرفه , أو تصرفُ بعضاً من وقتك وجهدك لتدلَّ غريباً في المدينة على عنوان صعب , أو تساعد أميّاً في قراءة فصل من كتاب قيّم أثناء السفر .. فستعجب من تأثير هذه الأفعال الحميدة البسيطة على مزاجك وسلوكك .. ستشعر أنك أقدر على مواجهة مصاعب ومشاكل عملك .. ستكون أكثر كياسة في تعاملك مع أفراد عائلتك وأصدقائك .. ستصبح أكثر تفاؤلاً في نظرتك للمستقبل والحياة من حولك .. وباختصار ستعطيك مساهمتك في إسعاد إنسان آخر دفعاً إلى الأمام وشعوراً بالراحة النفسية لا يمكن أن تحصل عليهما بوسائل أخرى. وقد قيل : كلما أعطى الإنسان من نفسه , حصل على ما يفوق عطاءه بالمقابل " وقد قيل :
لا يُقدَّر غناك بما تجمع من مال , إنما يُقدّر بما تعطي " .
ولا يقتصر مردود عمل الخير العفوي على فوائده الآنية , إنما يتعدّاها إلى الذكرى الحسنة والسمعة العطرة التي تلتصق بفاعل الخير ـ دون أن يطلبهاـ والتي تتبعه بعد رحيله من الدنيا حتى تصل إلى أولاده وأحفاده .. أما ثواب الدعوات التي يطلقها كل من وصله شيء من عطاء فاعل الخير أو نبذةٌ من سيرته فعلمها عند الله تعالى .
قال أحد الفلاسفة : " كل ما تجمعه لنفسك ستخسره في النهاية , وكل ما تعطيه للآخرين ستحتفظ به إلى الأبد " .
ولكي يكون عمل الخير مجدياً يجب أن يتحلل من آثار المنِّ والمباهاة .. وقد يكون من الأفضل أن يبقى سراً لا يشاع بين الناس .. وقد قيل : " أثمن شيء في حياة الإنسان الفاضل هي تلك الأعمال الصغيرة غير المعلنة التي تحمل الحب والعون لأخيه الإنسان " . وقيل : "
طوبى للذين يستطيعون العطاء دون أن يتذكروا , والذين يتلقَّونه دون أن ينسوا " ولعل من ألطف ما قرأت في حلاوة العطاء العفوي القصة التالية :
كان هناك أخّان يعملان في مزرعة ورثاها عن أبيهما . الواحد متزوج ولديه عائلة كبيرة , والآخر أعزب .. وفي نهاية كل يوم كان الأخّان يتقاسمان محصول وربح المزرعة بالتساوي وفي أحد الأيام حدّث الأخ الأعزب نفسه قائلاً :
ليس من العدل والله أن أشاطر أخي نتاج المزرعة, فأنا وحيد وحاجاتي لا تقارن بحاجات أخي المُعيل "
وصار في كل ليلة يحمل كيساً من محصول الحبوب في مخزنه وينقله متسللاً عبر الحقل الذي يفصل بين بيته وبيت أخيه ليفرغه خلسة في مخزن أخيه .
في هذه الأثناء هَجَس في صدر الأخ المتزوج ما يلي : " إني والله لا أوفي أخي حقه من نتاج المزرعة وربحها , فأنا متزوج وسيُعنى بي زوجي وأولادي عندما أتقدم في السن , بينما لن يجد أخي من يكفيه ويرعاه في المستقبل " وصار بعد ذلك ينقل كيساً بالخفاء من حصته من مخزون الحبوب ليفرغه في مخزن أخيه كل ليلة . ومرّت سنوات على الأخّين وهما على هذه الحال , يتعجبان بينهما وبين نفسيهما أن محصول كل منهما من الحبوب لم ينقص عما كان عليه .. إلى أن اصطدم الأخوان ذات ليلة دهماء وهما يقومان بمهمتهما الخفية .. وسرعان ما تبين لهما ما كان يحصل , فألقيا بحملهما وعانق كل منهما الآخر وهو يبكي .
قال أحد الفلاسفة :
" لا يمكن أن تحمل شعلة تضيء بها طريقاً لغيرك دون أن تضيئها لنفسك " .
لا يُقدَّر غناك بما تجمع من مال , إنما يُقدّر بما تعطي " .
ولا يقتصر مردود عمل الخير العفوي على فوائده الآنية , إنما يتعدّاها إلى الذكرى الحسنة والسمعة العطرة التي تلتصق بفاعل الخير ـ دون أن يطلبهاـ والتي تتبعه بعد رحيله من الدنيا حتى تصل إلى أولاده وأحفاده .. أما ثواب الدعوات التي يطلقها كل من وصله شيء من عطاء فاعل الخير أو نبذةٌ من سيرته فعلمها عند الله تعالى .
قال أحد الفلاسفة : " كل ما تجمعه لنفسك ستخسره في النهاية , وكل ما تعطيه للآخرين ستحتفظ به إلى الأبد " .
ولكي يكون عمل الخير مجدياً يجب أن يتحلل من آثار المنِّ والمباهاة .. وقد يكون من الأفضل أن يبقى سراً لا يشاع بين الناس .. وقد قيل : " أثمن شيء في حياة الإنسان الفاضل هي تلك الأعمال الصغيرة غير المعلنة التي تحمل الحب والعون لأخيه الإنسان " . وقيل : "
طوبى للذين يستطيعون العطاء دون أن يتذكروا , والذين يتلقَّونه دون أن ينسوا " ولعل من ألطف ما قرأت في حلاوة العطاء العفوي القصة التالية :
كان هناك أخّان يعملان في مزرعة ورثاها عن أبيهما . الواحد متزوج ولديه عائلة كبيرة , والآخر أعزب .. وفي نهاية كل يوم كان الأخّان يتقاسمان محصول وربح المزرعة بالتساوي وفي أحد الأيام حدّث الأخ الأعزب نفسه قائلاً :
ليس من العدل والله أن أشاطر أخي نتاج المزرعة, فأنا وحيد وحاجاتي لا تقارن بحاجات أخي المُعيل "
وصار في كل ليلة يحمل كيساً من محصول الحبوب في مخزنه وينقله متسللاً عبر الحقل الذي يفصل بين بيته وبيت أخيه ليفرغه خلسة في مخزن أخيه .
في هذه الأثناء هَجَس في صدر الأخ المتزوج ما يلي : " إني والله لا أوفي أخي حقه من نتاج المزرعة وربحها , فأنا متزوج وسيُعنى بي زوجي وأولادي عندما أتقدم في السن , بينما لن يجد أخي من يكفيه ويرعاه في المستقبل " وصار بعد ذلك ينقل كيساً بالخفاء من حصته من مخزون الحبوب ليفرغه في مخزن أخيه كل ليلة . ومرّت سنوات على الأخّين وهما على هذه الحال , يتعجبان بينهما وبين نفسيهما أن محصول كل منهما من الحبوب لم ينقص عما كان عليه .. إلى أن اصطدم الأخوان ذات ليلة دهماء وهما يقومان بمهمتهما الخفية .. وسرعان ما تبين لهما ما كان يحصل , فألقيا بحملهما وعانق كل منهما الآخر وهو يبكي .
قال أحد الفلاسفة :
" لا يمكن أن تحمل شعلة تضيء بها طريقاً لغيرك دون أن تضيئها لنفسك " .
بقلم الأستاذ
محمد بن فراج الشهري
محمد بن فراج الشهري