الفرق بين الأسود والأبيض ورواية العم توم ..!!!!
الفرق بين الأسود والأبيض ورواية العم توم ..!!!!
العم توم ( كلمة مشهورة عند زنوج أمريكا، تقال للسخرية من أي زنجي باع نفسه للرجل الأبيض ) ... وهي رواية لـ هارييت ستاو بعنوان ( كوخ العم توم ) تسرد قصة العم توم العجوز الزنجي الأمين الذي عاش سنوات عمره في كنف رجل أبيض طيب يدعى السيد شيلبي محاطاً بعائلته وبجموع السود الذين يشاركونه العمل في المزرعة. وفي أحد الأيام قرر السيد شليبي بيع العم توم بسبب أزمة مادية تعرض لها بالإضافة الى أمةٌ أخرى تدعي أليزا كانت متزوجة من شاب هجين يدعى جورج. حاولت عائلة توم شراء حريته و إضطرت زوجته العجوز كلو الى العمل بنظام السخرة في أحد المخابز حتى يعود.
أعتقد أن هذه الرواية تنطبق تماماً على السيد اوباما ، فلا يعدوا كونه أجيراً لقوم خلف الكواليس ، يريدون أن يجعلوا منه أداة لتصحيح أزمتهم المالية، وهذا يتطلب رجلاً ينافق وينحني لكل من واجهه في الطريق ، ولأن هذا الدور لن يرضى به أحدٌ من البوشيين وغيرهم من الأمريكان الأقحاح ، فلم يجدوا غير \" العم اوباما\" ليزجوا به في هذا الطريق المتلون ولكي يمثل دور المعتذر عما بدر من سلفه تجاه المسلمين ، ولأن الإعتذار بنظرهم فيه مذلة للأبيض فلا بد من تقديم الأسود ، ولا مناص من هذا مقابل تصحيح الأزمة المالية ،عن طريق العواطف الإسلامية ،وهذا ما بدأ يطبقه \" العم اوباما\" من خلال كلماته وخطاباته التي تتسابق آذاننا قبل أعيننا اليها ..!!ولأننا نجهل أن السياسة الأمريكية سياسة مؤسسية تقوم على خطط وبرامج معدة ، وما الفرد المتربع على عرش السلطة إلا منفذاً لما تمليه عليه هذه المؤسسة ، لذلك من يعتقد أن تغيير \"بوش بـ أوباما\" سيغير من الأمر شيئاً فعليه أن يراجع تاريخ القوم جيداً ، فكلا هما وجهان لعملة واحدة ، بوش متسلط ومتهور ، وأوباما مخادع ماكر ، وسياسة التسلط والتهور لها أهدافها وقد حققت الكثير منها ، ويعقبها الآن موسم سياسة المكر والخداع حتى يتم ترميم ما أفسده التهور ..!!!
فليس بعد الجرح إلا البلسم ، ومما روج لهذا المفهوم هو ارتفاع معيار العاطفة وسرعة التأثر عندنا نحن معشر العرب ، وهذا ما لحظناه خلال جولة \"العم توم\" في المنطقة ، فقد ظهر كثير من المثقفين والسياسيين بل وحتى الدعاة ، ليشيد بخطاب \" اوباما\" مما أوجد وجساً وتساؤلاً وخيفة لدي من هذا الإفراط في تلميع السيد \"اوباما\" ولم أجد مبرراً لهذا التلميع إلا في أمرين :
اما أن القوم يريدون أن يبعثوا التفاؤل في نفوس الناس ليهدئوا من روعهم
وإما أن يكونوا ممن يأخذ رشفة من كل إناء حتى تختلط عليه الأذواق
فإن كان الأول فلا أعلم هل تناسى هؤلاء أن أمريكا الآن في انهيار اقتصادي ، وسياسي ، وعسكري ، مما حدى بها الى تعيين \" العم توم \" رئيساً لها لتضرب عصفورين بحجر ، نبذ العنصرية ، والعزف على عواطف المسلمين ، لكي ترجع هيمنتها المترنحة ، ومكانتها المتذبذبه ..!!! فأين أعيننا ومسامعنا ؟ هل أعرناها ؟
ربما فنحن في زمنٍ تمتد أذنٌ في الشرق واخرى في الغرب ..!!
وإن كان الثاني فهم أقرب الى الصحفيين والسبق الإعلامي من الثقافة والتوجيه ..!!
والناظر والمتأمل في الأشهر الماضية من تولي أوباما الحكم في أمريكا ، يجد أن السياسة لم تتغير ، فقتل المسلمين وتشريدهم في افغانستان والعراق وفلسطين والآن باكستان لازال قائماً ، والسعي الى تفكيك المسلمين وزرع الأحقاد والفرقة بينهم لايزال ديدن أمريكا ، فما فرق السلف عن الخلف ؟
هل لأن بوش يقتل بعنف وأوباما يقتل بإبتسامة ، جعلها الله في موازين سيئاته ، ألهذه الدرجة لا نفرق بين القول والفعل ؟ ألم نشاهده ونعلم موقفه من قضية غزة الماضية وانحيازه لليهود وتحليله للأسلحة المحرمة التي استخدمت ضد المدنيين والعزل هناك ؟
ألم نراه وخلال جولته يخشع أمام حائط المبكى ؟
ألم نسمع تصريحه أمام منظمة ايباك المؤيدة والمناصرة لدولة اليهود عندما قال : أن القدس عاصمة اليهود ؟
هاهو يأمر بزيادة القوات في افغانستان ، ويعلن بقاء الجيش الأمريكي في العراق ، فما الفرق ؟
ربما يكون هذا اسود وذاك ابيض ،وفي مفهومنا أن الأسود والأبيض متضادان ..!!!
علي الزويكي
دراسات عليا جامعة الامام محمد بن سعود