ليست كل العادات حميدة (2)
(حكاية الأجناب)
ومن العادات السائدة والدخيلة على مجتمعاتنا المحلية والتي لازالت في أوج زخمها لدى طبقة معينة من الموسرين والمتقاعدين والمتبطرين على النعم أو كل ذلك أو بعضه
أنه إذا دُعي شخص أو أشخاص لعزومة عند شخص ما أو أسرة بعينها ويكون الضيف أو الضيوف من قبيلة أو قرية أو أسرة من بعيد نسبياً يتم التسابق عليهم من بعض أو كل من ذكرنا أو يكون قد حصل موعد مسبق معهم لأقامة ولائم لهم قبل موعد الوجبة الرئيسية التي حضر من أجلها أصلاً والتي يسمونها ( القهوة )وهي عبارة عن سفرة أو سفر طويلة عريضة تضم أطايب الطعام من أكلات شعبية وحلويات وفواكة وذبيحة أو أكثر ( حنيذ أو مقلقل أو طبخ ) فيؤكل منها ما يؤكل ويفسد منها الأكثر ثم تحضر لهم الوجبة الرئيسية عند مضيفهم الأصلي بعد ذلك بعدة ساعات وهي عبارة عن مجموعة ( مفطحات ) مع ما يرافقها من أصناف فيؤكل منها كذلك ما يؤكل ويفسد منها الاكثر وهكذا
وبعد الوجبة بساعات قليلة يكون قد أستضافهم أحد أو مجموعة أخرى من ( الشلة المذكورة ) على ( القهوة ) ويعمل مثلما عمل من قبل أو أكثر على أن الضيوف تحت طائلة تسمية ( الأجناب ) أي الوافدين من خارج الأطار المحلي النسبي والمعروف لدينا أن القهوة هي قهوة البن مع ما تيسر من تمر أو عدة اصناف من التمور فقط وكذلك الشاي
أما هذه العادة الدخيلة علينا والتي يشجعها من ذكرتهم في أول الحلقة ومن معهم من الأكولين أو المفترسين الذين يتنقلون من مكان لآخر ومن سفرة لآخرى ففي هذه العادة الغير حميدة من إفساد للأطعمة والمبالغة الزائدة في الكرم وألاكرام على حد تعبيرهم ما يقف عنده كل صاحب عقل بنوع من الذهول والتعجب !! لما يتخخله أيضا من مظاهر مصطنعة ومديح مقيت وأستعراض لصفات الكرم كقولهم ( فلان بيته مفتوح - وفلان يذبح ويسدح - وفلان ذبح خمس - وفلان ..... وهكذا )
وهذا الكرم المسكين الذي أصبح شماعة يتم تعليق أي إسراف أو بذخ أو بحث عن السمعة والمصالح الضيقة عليها فكم يحتمل وسيتحمل مستقبلاً مسمى الكرم الذي تُستباح بأسمه محاذير كثيرة دينية ودنيوية
وهذه الممارسات ينطبق عليها الأصابة بالأمراض النفسية وحب الفتك بالمواشي والمأكولات المصاحبة يمقتها اعتقادنا الصحيح والمتطلبات العصرية في الاقتصاد حيث أن ما يهدر من أطعمة يترتب عليه آثار اقتصادية شخصية أو عامة إذ يُقضى على عدد من الأغنام بين ( مفطح و مندي وحنيذ ومقلقل ) وما يرافقه من مزينات السفر حسب ما يقولون وأجور للمطابخ التي يعز فيها وجود مواطن بل من العمالة المتدني مستواها نضافة أو معرفة أو تأهيلاً إضافة الى ما يعد في المنازل من أطعمة محلية ترهق الأسرة إرهاقاً شديداً فهل يحتمل اسم الكرم هذه الممارسات وأمثالها أم انه أعتداء صارخ على الكرم والنعمة وسبب من الأسباب التي تؤدي إلى زوال النعم فالكرم تعرف صفاته وأساليبه وما خالفه فلا يجوز إلصاقه به وبالشكر تدوم النعم والله المستعان
بقلم
سعيد علي الشهري
تنومة
سعيد علي الشهري
تنومة