المرأة العصرية والمرأة التقليدية
المرأة العصرية والمرأة التقليدية مصطلحان أفرزتهما الدعاية الاستهلاكية في عالمنا المتحضر ..
فالمرأة العصرية هي تلك المتمردة على المألوف ، أياً كان ذاك المألوف . والمغذية للوسائل الإعلامية المتعددة بصور الجسد على غرار " فتاة الغلاف " أو أصوات رقيقة متغنجة على الطريقة الحليمية ( 1 ) ، تجعل من علاقة المشاهد مع الوسيلة الإعلامية محاذية لعلاقة (البقالة مع العميل ) يحدق أمام الشاشة أو يدفع بسخاء لشراء تلك الوسيلة إذا ما كانت صحيفة أو مجلة ، وبالتالي يتقاطر (المعلنون ) باتجاه تلك الوسيلة بمنتجاتهم الدعائية التي لا تخلو هي كذلك من مشاهد مغرية للمرأة العصرية ( بطلة الدعاية ) المتمرسة على الإيحاءات اللفظية والإيماءات الجسدية اللتان تخنقان العيب من ( زمارة رقبته ) وتقولان له ( منك لله يا ظالم ) .
أما المرأة التقليدية فهي المتحابية على ذاتها ، المتشبثة بسيرورة الحياة الرتيبة الخالية من ( الأكشن ) والمغامرات العاطفية ( المهندية ) والجنون على أوتار ( سنوات الضياع ) ..تعشق الظل ( طحلب ) ولا تبرح إملاءات الرجل ( سي السيّد ) ، متدينة ملتزمة ( مطوعة ) تحلق القهقري في عالم متسارع ، أو ببساطة هي ( أحفورة ) لا مكان لها في هذا العالم ، ومكانها الطبيعي في متحف التاريخ البشري .
دعائم هذا التصنيف المخادع للمرأة لذتان ، الأولى : الثروة والأخرى : الشهرة ، فأما الأخيرة ؛ فتتبناها المؤسسات الإعلامية المستهلكة لجسدها ، بينما الأولى فعلى يد التاجر (الشركة المعلنة ) والتي لا يمكنها هبش مليارات الصفقة من دون السيطرة على عقلها ووجدانها ( المرأة العصرية ) ولن يتأتى ذلك بمعزل عن الإعلام والمثل يقول ( رجل الديك .. تجر الديك ) ، فالسيطرة على الإعلام بوابة الثروة ، والإعلام بلا أجساد غضة إعلام جاف لا ينبت ولا يغني من الجوع ، لذا ألد أعداء المؤسسات الإعلامية هي كل دعوة تدعو للعفة والاحتشام ، وتعتبر مثل هذا الدعاوي عقبات فكرية تهدد أمنها ووجودها ، لذا نراها تقف بكل حزم ضد كل فكرة ربما قد تعرقل تلك الأهداف ، كحق المرأة في الحجاب مثلاً ، إذ تشترط بعض تلك المؤسسات على منسوبات المؤسسة ألا تلبس الحجاب مطلقاً وإن كانت تعمل خلف الكواليس ( mbc مثلاً ) ، لذا ومن أجل تحقيق تلك الأرباح فلا مناص إذاً من خدعة التصنيف بين السيدات ، فالتقليدية تصور على أنها ديناصور لا يستحق البقاء سوى في المتاحف ، وتوصف العصرية بالمرأة القوية التي تتخطى الحواجز بالمعايير الفرنسية .... تقبل الله صيامكم .
عبدالرحمن ظافر الشهري
abo_dhafer3@hotmail.com
abo_dhafer3@hotmail.com