×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

رمضان .. فضائيات الفضائح والتهريج


د. فايز بن عبدالله الشهري

لابد أنكم لاحظتم كيف تتسابق إعلانات الفضائيات العربية لاقتحام وإقحام الذوق العام في موجة إسفاف بدت معالمها في إعلانات الترويج (البرومو) التي تترصّدنا بكل الطرق في سعي محموم لإلهاء المشاهد المسلم خلال شهر القرآن بالمزيد من المواد الفنيّة التي تتغذى في معظمها على التهريج والتسطيح وإضحاك بعض الناس على بقية الناس. ولابد أنكم شاهدتم حجم الإعلانات الملونة الموظِّفة لكل الوسائل التي تحاصرنا في كل مكان، حتى وأنت تتسوق ستجد صور بعض فناني رمضان (سامجة) على صفحات الصحف وستجدها بين يديك على جنبات عربة التسوق للفت انتباهك إلى "مهرج" فضائي يعدك بجعل نفسه "مسخرة" وشاشته أضحوكة وسيسحب معه بالطبع بعض من لا يملكون أدوات التحليل والتمييز بين ما هو خيال فج، وما هو انعكاس منتقى لبعض جوانب الحياة.

لا جدال في أن الفن سيبقى قيمة وهو في أصله أيضا رسالة للتغيير نحو الأفضل ومشعل تنوير نحو حال فكرية افضل من خلال إظهار الجوانب الجمالية السامية والمثل العليا في الحياة. ولا شك أن هناك جدليّات كثيرة حول تعريف الفن ووظيفته وأهميّة تصويره الواقع ولكن الخطورة في عصر اعتماد الجماهير الإعلامية (الشابة) على الوسائل تأتي بعد عرض الواقع إذ سيقود هذا بالضرورة إلى استسهال تعميم الصور السالبة ومن ثم فرض هذا الواقع المرير وجعله مقبولا بكل سيئاته.

ومن يتأمل في حالنا ومكونات التحول الاجتماعي في صنوف الملبس والمأكل والفكر والتقاليد سيجد ان دعاتها الوحيدين ومروجيها الأكثر تأثيرا هم صناع السوق الإعلامية الذين ما انفكوا طوال السنوات التي خلت عن (غرس) مفاهيم فكرية واجتماعية ليست كلها إيجابية سواء عرفوا ام لم يعرفوا.

ومشكلة الفن العربي (التمثيل والغناء تحديدا) أنّه نشأ غريبا مشبوها ثم استمر يتأرجح على يد "هواة" صنعهم (مقاولون) كون الفن يعد المجال الوحيد الذي لا يعتمد فيه صاحبه على بعض التأهيل والتدريب. ويكفي لمن يريد أن يجرّب حظه وقدراته ممارسة بعض "الفهلوة" مع كثير من الارتجال ليصبح هذا المغامر فنانا مطلوبا .. ولعل هذا يفسر صعود أشخاص مثل شعبان عبدالرحيم ومحمد سعد (بوحه) وعشرات من أشباههما في المملكة والخليج لأن المعايير غائبة واهل الفن الحقيقي مغيبون أو مترددون.

هل يمكننا - تأسيساً على ما مضى- التأكيد على أن بعض من يحملون لقب (فنان) في عالمنا العربي نشأوا في معظم الأحوال دون ان يمروا بمراحل التشكّل الطبيعية ناهيك عن ضعف الموهبة والجهود التثقيفية التي يمكن أن تقدم الحد المعقول من بناء شخصية الفنان وانضاج مهاراته ليقدّم بعدها ما يمكن ان يسمى فناً يحرك الجماهير ويتفاعل معه الناس؟!

بكل أسف أنت لو فتشت وفق أدنى المعايير فقد لا تجد بين الفنانين في الخليج العربي تحديدا إلا قلة قليلة لا تتجاوز أصابع اليد ممن يمكن أن يقال إن هذا الفنان صاحب مشروع أو رؤية.

**مسارات

قال ومضى: رمضان .. أتيناك نرزح في الخطايا .. ونرجو رحيما كريم العطايا.
 0  0  2901