توفيق رأسين في الحلال.. أم في الفقر؟
ناصر الشهري
لأننا مجتمع مسلم فقد شرعنا الكثير من العناوين لمصلحة بعض الممارسات "المبطنة" تحت عناوين العمل الخيري. فظهرت جمعيات أهلية متعددة الأهداف والمنافع، لكنها لم تكن في مضمونها نزيهة تليق بنزاهة العقيدة، وهو ما دفع بالكثير إلى تكوين هذه المؤسسات لجلب أموال التبرعات في غياب الرقابة الصارمة لمعرفة مصير هذه المبالغ حيث استمرت هذه الظاهرة في التنامي لعدة سنوات ماضية، وإن كانت قد بدأت الرقابة تتحرك نحو هذه الجمعيات في السنوات الأخيرة.ولقد كان وما تزال هذه الجمعيات تتنافس على جباية الأموال كل على طريقتها، وتحت شعارات اجتماعية ودينية متعددة.. ومنها برامج مساعدات الشباب على الزواج.. ورغم أن حجم ما ينفق على هذا البرنامج لا يتجاوز "فتات" ما يتم جمعه من الايرادات، إلا أن فكرة البرنامج في حد ذاتها ليست من مصلحة البناء الاجتماعي الذي يوفر للفرد المستهدف حياة كريمة بقدر ما يدشن وجود أسرة فقيرة، خاصة أن المبلغ لا يستهدف أكثر من "توفيق رأسين في حلال" ثم لا يستمر هذا التوفيق لمصاريف الحمل والولادة وإعاشة الأطفال لزوج وزوجة أحدهما أو كلاهما بلا عمل، وإن وجد فإنه لا يكفي ايجار المسكن!! والنتيجة هنا وجود مزرعة من الأطفال الفقراء داخل أسرة أكثر حاجة وفقراً.
كما أن مشروعاً من هذا النوع يؤدي إلى مزيد من الاتكالية والاستسلام لواقع الحال لفئة مازالوا في مقتبل العمر، وهنا أعتقد أن هذه القضية تحتاج إلى إعادة نظر.. وذلك بصدور تنظيم يعمل على سحب هذا البرنامج من الجمعيات الأهلية وضمه إلى نفس المشروع بوزارة الشؤون الاجتماعية، وتحويله إلى مؤسسة لها مجلس إدارة يتكون من عدد من المختصين في القطاعين الأهلي والحكومي تحت إشراف الوزارة، على أن يكون للبرنامج ميزانية معلنة تخضع للرقابة والمحاسبة بعد تعظيم حجم المساعدة العينية، ومن ثم تنحصر أهداف البرنامج في توفير السكن الملائم للشاب المتزوج فقط، والذي يتقدم بما يثبت عقد النكاح، ومن ثم نكون قد عملنا على تحفيز الشباب على بناء الذات من الناحية العملية وصولاً إلى جمع نفقات الزواج وتحمل مسؤولية الإعالة.. وبالتالي نكون قد عملنا على حل مشكلة السكن الذي هو الهاجس الأكبر عند الشباب، والأكثر أهمية من "فتات" الجمعيات الخيرية الذي ينتهي بتوريط رأسين في الفقر!!