اليمن إلى أين؟
ناصر الشهري
يظل الوضع في اليمن هو الأخطر اقليمياً ودولياً. التطورات الجديدة التي وصلت الى حد قصف المقر الرئاسي واستهداف رئيس الدولة في المسجد وهو يؤدي الصلاة. هو أمر لا يمكن ان يقبله عاقل يحترم الشرعية ولا اخلاقيات الانسان المسلم. ما يحدث في اليمن ينذر بتوسيع نطاق الأزمة وعسكرتها في بلد يحتاج الى كل شيء من مقومات الحياة ويعيش في نسبته العالية تحت خط الفقر!! وفي بلد تنتشر فيه تجارة الحرب وما يزيد عن 6 ملايين قطعة من السلاح المتوسط والثقيل.. اضافة الى كميات هائلة من الذخيرة التي تباع في الهواء الطلق دون رقابة أو تحريم تجاري وزعامات تستمد شرعيتها من "عقيدة" القبيلة.وتمثل حكومات متعددة داخل حكومة مركزية محدودة التصرف والصلاحيات.قصة اليمن في التاريخ الحديث بدأت تكتب فصلا آخر من فصول الصراع على السلطة والمد والجزر في التشطير.. ويبدو ان عقد الوحدة سيكون هو الأول في سلسلة المتغيرات القادمة .. ثم انه لا يبدو ان الحشود المؤيدة والمعارضة في الشارع اليمني اليوم سوف تكون على وفاق ما بعد رحيل الرئيس علي صالح. بقدر ما ستشهد المرحلة حروباً قبلية أكثر ضراوة وذلك نتيجة حسابات قديمة وجديدة افرزتها الأزمة الحالية. اليمن الذي يكتظ بالنازحين من حروب القرن الافريقي سيجد نفسه أمام أزمة خانقة في عدد من الجوانب الأمنية والاقتصادية تضيف الكثير لمعاناته الحالية.
واذا كانت خيارات ثورة اليمنيين قد قفزت في جانبها السياسي من فوق الدستور فإنها ايضا لن تكون بعيدة عن نتائج أكثر دموية من الفترة المتبقية لحكم الرئيس الحالي. ويبقى اليمن اليوم مفتوحاً على كل الاحتمالات في ظل فراغ في هرم السلطة على ضوء حادثة مسجد الرئيس الذي اصيب ومعه عدد من القيادات المهمة وفي مقدمتهم الدكتور عبدالعزيز عبدالغني الرجل المخضرم وصاحب الخبرة الطويلة في ادارة السياسة اليمنية.
والسؤال هنا : لماذا تبقى جامعة الدول العربية صامتة حتى بعد اعلان دول الخليج تعليق المبادرة الأخيرة؟
ربما كان ذلك نتيجة عدم اعطاء فرصة للدول الكبرى من خلال مسوّغ قرار يكرر ما حصل في ليبيا. لكن ليس بالضرورة ان يكون بنفس الصيغة الليبية وذلك لاختلاف وضع القيادتين حيث ان العقيد الليبي اغتصب السلطة في حين ان صالح جاء بالانتخابات وان كان هو الاخر قد اغتصب السلطة جزئياً بعد مقتل احمد حسين الغشمي الرئيس اليمني السابق حيث شارك في مؤامرة اغتياله.
ويبقى الخطر اليوم هو ما يمكن ان يفرزه الصراع في اليمن من نشوء هجرة المواطنين اليمنيين الى الدول المجاورة باعداد كبيرة خلال الفترة القادمة وتحول اللاجئين من القرن الافريقي وخاصة من الصومال الى هذه الدول وخاصة الخليجية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي سوف تواجه طوفان الهروب في حال تزايد الحرب الاهلية في اليمن.