×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

زيارة المرضى,,,


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده ,,, وبعد:
أيها الأحبة ما دعاني لهذا المقال في هذا المقام تلك العبادة العظيمة , التي غفلنا عنها حتى أصبحت عبأً ثقيلاً على البعض , وإن قام بها فإنما على سبيل المجاملة أو على استحياءً من الناس, متناسياً الأجر والثواب الذي أعده الله لمن أدى الواجب في هذه العبادة العظيمة , والعجيب أيها الأحبة أنك ترى من المفارقات التي توحي إليك بتهاون الناس وتقصيرهم وزهدهم في هذه العبادة , فإننا نجد الواحد منا يقف في عزاء الميت ثلاثة أيام غير منقوصة , مع ما قيل في إقامة العزاء بهذه الطريقة من مخالفات لاتخفى على مريد الحق في حين أننا نتثاقل ونتكاسل عن زيارة المرضى التي لا تكلفنا شيئاَ من الجهد والوقت , مع ما فيها من مواساة لإخواننا المرضى وتذكرٍ لنعم الله علينا.
أيها الفضلاء الخير في الإسلام ينتظم كل وجوه البر، ويشمل كل عمل صالح، ويتناول كل خلق كريم، طاعةً لله عزَّ وجلَّ، وحباً في الفضائل في إخلاص وصدق حسن , ففي الحديث قول جميل، وفي البلاء صبرٌ جميل، وعند الخلاف صفحٌ جميل.
ويتجلى صفاء الدين، وتظهر محاسن الشريعة، أكثر ما تتجلى في خلق كريم، وسلوك مستقيم، ينتهجه المسلم مع إخوانه، القريب منهم والبعيد , ولقد كان من أدب السلف ـ رضوان الله عليهم ـ إذا فقدوا أحداً من إخوانهم سألوا عنه، فإن كان غائباً دعوا له، وخلفوه خيراً في أهله، وإن كان حاضراً زاروه، وإن كان مريضاً عادوه.
في عيادة المريض يتجلى سموُّ الخلق، وحفظ الحق حين يكون أخوك في حالة من العجز، وانقطاعٍ عن مشاركة الأصحاب، حبيس المرض، وقعيد الفراش , في عيادة المريض إيناسٌ للقلب، وإزالة للوحشة، وتخفيفٌ من الألم، وتسليةٌ للنفس والأقارب
وفي توجيهات المصطفى حثٌّ عظيمٌ على حفظ هذا الحق، والالتزام بهذا الخلق، ومراعاة آدابه , أخرج الإمام أحمد ومسلمٌ واللفظ له والترمذي عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي قال: ((إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خُرفة الجنة حتى يرجع)) قيل: يا رسول الله، وما خُرفة الجنة؟ قال: ((جناها)) أي: ثمارها.
وفي حديث قدسي يقول الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة: ((يا بن آدم مرضت فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟...)) .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((من عاد مريضاً ناداه منادٍ من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً)) أخرجه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، واللفظ له.
ومن أدب الزيارة أن يقف عند رأسه ويضع يده على جبينه أو على مكان الألم ويقول: ((لا بأس طهور إن شاء الله)) , كما كان عليه الصلاة والسلام يرشد إلى ما يتعوذ به من الألم. يقول عثمان بن أبي العاص الثقفي قدمت على النبي وبي وجع قد كان يبطلني فقال لي النبي : ((اجعل يدك اليمنى عليه وقل: بسم الله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. سبع مرات)) فقلت ذلك فشفاني الله.
وينبغي أن يجتهد الزائر للمريض في الدعاء، ومما ورد في ذلك: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال: ((من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض) , ويقول: ((اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً)).
وقد عاد جبريل النبي وقال: ((بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفسٍ أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك)) رواه مسلم من حديث أبي سعيد. , ومن الآداب ألا يطيل الزيارة، ولا يثقل بكثرة المساءلة، وإطالة الحديث، ولا يذكر له ما يحزنه، أو يزيده وجعاً إلى وجعه، ولا يذكر صديقاً له بما يكره، أو عدواً له بما يحب، ولا يتحدث عن أهله وأولاده إلا بكل خير، رفقاً به وملاطفةً له...هذا ما تيسر إيراده أسأل الله أن ينفع به , وأن يلبس مرضانا ثوب الصحة والعافية.

عبدالعزيز بن عبدالوهاب الشهري
المدينة النبوية
 0  0  8495