×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

ساهر ومضاعفة المخالفات

عامر الشهري
بواسطة : عامر الشهري
"ساهر" ومضاعفة المخالفات


لم يستبشر المواطنون كثيرا بولادة نظام المرور السري الذي انطلق قبل عدة سنوات بدءا بالمدن الكبيرة ثم توالى تطبيقه، إلا أنه كان أخف وطئا مما لحق به، وأعني نظام "ساهر"، فبالرغم من عدم إنكارنا للفوائد التي ترتبت على هذين النظامين وأهمها التقليل بشكل كبير من نسبة الحوادث التي كانت تحصد الأرواح حسب الإحصاءات المنشورة عن طريق الإدارة العامة للمرور، حيث ظهر جليا من خلال البيان الخاص بعدد الإصابات الخطرة نتيجة الحوادث المرورية خلال الفترة بين عام 1423 و1430هـ انخفاض كبير في معدل تلك الإصابات إذ كانت في عام 1423هـ تسجل 1793 إصابة خلال العام، بينما قدرت في عام 1430هـ بـ 845 أيضا خلال العام.
بينما سجلت نسب المتوفين ـ رحمهم الله وجميع موتى المسلمين ـ خلال الفترة نفسها انخفاض كبير ففي عام 1423هـ كان إجمالي المتوفين خلال العام 451، بينما في عام 1430هـ كان الإجمالي 266.
كل هذه الإحصائيات والانخفاض الملحوظ في أعداد المصابين والمتوفين يعطي مؤشر لنجاح تلك الخطط المرورية، وهي جهود تذكر فتشكر.
المزعج في الأمر أنه بعد استحداث النظام الأخير "ساهر" والبدء الفعلي لتطبيقه بالذات في العاصمة الرياض وما صاحبه من وضع كاميرات مراقبة في الشوارع الرئيسية، إلى هنا قد يكون بعض قائدي المركبات قد قبلوا بالأمر على مضض، إلا أن إدارة المرور استحدثت خطوة أخرى تمثلت في نشر سيارات متحركة مزودة بكافة التقنيات الحديثة لرصد المخالفين، وعمدت إلى زرع تلك السيارات في الشوارع الفرعية وحتى الرئيسية الخالية من "الكاميرات المثبتة"، فانقلب الأمر من كونه توعوي للحفاظ على الأرواح والممتلكات إلى "ترصد للأخطاء" البسيطة، فلا تستغرب وأنت في أحد الشوارع الفرعية وإذ بك تفاجئ "بفلاش كاميرا" سيارة "ساهر المترصدة" يصطادك ، ثم لا تندهش عندما تذهب للمرور لمعرفة تفاصيل المخالفة عندها تعلم أنك قد تجاوزت السرعة المحددة، حيث كنت تقود سيارتك بسرعة (79 كلم/ ساعة).
كل ما ذكر أعلاه قبله وسلم به الجميع على مضض، لكن ما نزل علينا كالصاعقة هو مضاعفة المخالفة أو المخالفات إذا لم يتم سدادها خلال شهر، ومما زاد من عدم قبول هذا القرار هو الفتوى الشرعية التي صدرت من مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ والتي تفيد بأن مضاعفة المخالفات المرورية لا يصح، وهو ربا منهي عنه، وأن حق المرور يثبت في المخالفة المعروفة فقط، وإذا تأخر المخالف عن الدفع لظروف ما وأضيفت عليه بعد شهر مثلها فهذا لا يجوز.
لم يقتصر إنكار مضاعفة المخالفات على المفتي فقط، بل أثار الدكتور طلال بكري وهو أحد أعضاء مجلس الشورى جدلا واسعا حول ذلك، عندما أكد أن "نظام ساهر ربوي"، حيث أبدى دهشته من مضاعفة المخالفات في حين أن بعض المواطنين يعجزون عن سداد المخالفة الأصلية في وقتها وقد يحتاج إلى شهر أو أكثر.
كل هذا للأسف لم يثن المرور عن تطبيق هذا الإجراء المجحف، إلا أننا سمعنا بخبر مفاده قيام الإدارة العامة للمرور بإلغاء إجراء مضاعفة المخالفات ولا نعلم عن مدى صحة ذلك من عدمه، وإذا ما كان هذا الخبر صحيح فلماذا هذه الاستجابة المتأخرة من المرور؟
والسؤال الأهم: ما مصير من بادر وسدد المخالفات المترتبة عليه بمضاعفاتها؟ أو بصيغة أخرى: هل سيتم النظر فيمن قاموا بسداد مخالفات مضاعفة وبالتالي إعادة المبلغ الزائد إليهم أم أن المرور يخطئ والمواطن هو من يتحمل تبعات مثل هذه القرارات؟
أخيرا.. هل تهدف إدارة المرور من تلك الإجراءات الحفاظ على الأرواح والتقليل من نسبة الحوادث، وبالتالي فالمخالفة بمثابة رادع، أم أن الهدف مادي بحت وبالتالي فالدولة ـ أعزها الله ـ غنية بخيراتها وليست بحاجة ولا تسعى لاستنزاف المواطن؟


عامر الشهري
الرياض
Am_alshry@hotmail.com
بواسطة : عامر الشهري
 0  0  3179