تنومة
تنومة بني شهر
مدينة تنومة مدينة الجمال الأخاذ و الطبيعة الخضراء والينابيع الجارية مدينة الجبال الشاهقة المتباينة بتشكيلاتها الصخرية المتناثرة كحبات اللؤلؤ في كل أجزائها.. صاحبة أطول شلال طبيعي يتدفق جمالاً انها مدينة بني شهر (تنومة) ففي شمال مدينة أبها وبعد 120كلم وصل بنا الطريق السياحي الرابط بين أبها والطائف إلى تنومة حيث غطا الضباب سهولها وجبالها وجاء الهواء البارد المنعش كسوة ترغم النفس على نسيان الوقت فيها فيغسل وابل المطر بعد ابتسامة الشمس التي حجب الضباب نصف شعاعها تلك الربوع الخضراء ليزيدها بهجة وسروراً فتنطلق طيورها مرحبة بالزوار في نغم تعشقه الاذن هياماً.
تنومة المدينة ذات النهضة العمرانية بميادينها الواسعة وشوارعها الفسيحة وأسواقها الشهيرة تكشف عن وجه التقدم الذي تعيشه في ظل توجيهات قيادتنا الرشيدة التي وضعت لكل شبر على أرض هذا الوطن اهتماماً يليق بمكانتها وممتلكاتها وتطلعاته.
الموقع
في تفاصيل جولتنا اليوم نبدأها بأهمية موقعها الذي يحده شمالاً قرى الظهارة والنماص ومن الجنوب قرى سدوان التابعة لبلسمر، ومن الغرب تلوث المنظر والمجاردة، ومن الشرق والجنوب الشرقي صمخ ووادي ابن هشبل، حيث يعد موقع تنومة الجغرافي موقعاً مهماً يمثل مركزاً اقليمياً نظراً لتوسطه في المنطقة الأمر الذي أدى إلى تطوير تنومة الجغرافي موقعاً مهماً يمثل مركزاً اقليمياً نظراً لتوسطه في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى تطوير تنومة ونموها وهجرة السكان من الضواحي الريفية والقرى المجاورة إليها وبذلك اتسعت رقعتها وامتد العمران بها.
وتعود أهمية موقع تنومة إلى عدة أسباب منها وقوعها على طريق حجاج بيت الله الحرام وبعض القوافل التجارية قديماً حيث كان لهذا الطريق عدة محطات لاستراحة الحجاج كان يراعى فيها ان تكون واقعة قرب مصادر المياه وأثناء فترة الاستراحة كان يتم ما يسمى بالتبادل التجاري في الحبوب والتمور والقهوة والملابس وبعض الأدوات الأخرى بين قوافل الحجيج وأهالي المنطقة التي تقع فيها تلك الاستراحات ولأن تنومة كانت تقع على هذا الطريق فقد اكتسبت شهرة تجارية وتاريخية منذ القدم.
ويمتد اقليم تنومة الجغرافي من الشمال إلى الجنوب بعرض 19كلم، ومن الشرق إلى الغرب بطول 125كلم، تغطيه في الغالب غابات كثيفة وخاصة في شمال المنطقة، حيث تغطي أشجار العرعر معظم المرتفعات بالإضافة إلى أشجار الشث والطلح وبعض أنواع الحشائش الأخرى. وتتميز تنومة بأن معظم مساحتها عبارة عن أرض سهلية واسعة المساحة تشكل في مجموعها سهل تنومة الممتد من عقبة القامة شمالاً إلى عقبة الدهناء جنوباً وتحيط بهذا السهل الخصب السلاسل الجبلية احاطة السوار بالمعصم كما يتخلله بعض الروابي المتناثرة. ويصل عدد القرى في تنومة إلى حوالي 118قرية دمج معظمها في المدينة وأصبحت تمثل أحياء بدلاً عن القرى، كما يبلغ عدد السكان فيها أكثر من 22586نسمة تقريباً بما فيهم سكان البادية، ومركزها بلدة سبت تنومة الذي يقع فيه سوق تنومة الأسبوعي الذي سمي باسم سوق السبت وهو السوق الوحيد في تنومة وكان يسمى قديما بسبتان او سبت ابن العريف نسبة الى اسرة ال عريف. وكان يوم السوق في تنومة يسمى يوم العيد الاسبوعي حيث يلتقي فيه أبناء القبائل المختلفة للبيع والشراء اضافة الى انه يوم المقاضاة والمحاكمة وابلاغ اعلانات الحكومة وقواعد القبائل للناس ويوم تأديب المجرمين وقضاء الحوائج وتناقل الاخبار وتحديد المناسبات. ويروى انه كان في هذا السوق شجرة (رقاع) كبيرة ضخمة يجلس في ظلها الناس للاستراحة او لسماع الاخبار او حديث او ذكر وموعظة وكانت تسمى بالراية. وقديما كان رواد هذا السوق يفدون اليه من بيشة وتهامة وابها وبللسمر والنماص وبادية بني اثلة وبلاد قحطان وهو من اقدم الأسواق التي لا تزال حتى وقتنا الحاضر.
الجبال والأودية
وفي تنومة الكثير من الجبال الكبيرة والعالية وتميل عموماً الى الانحدار نحو البحر من جهتها الغربية، بينما تكون قليلة الانحدار نحو الهضبة الداخلية في الشرق، ومن اشهر الجبال في تنومة بني شهر ما يلي:
@ سلسلة جبال منعاء: وتقع في الجهة الشرقية لتنومة، وتبلغ اعلى قمة في هذه السلسلة وهي قمة طلا حوالي 2600متر، ويخترق هذه السلسلة الجبلية الشاهقة طريقاً معبداً يصل قراها المتناثرة مثل عتمة - ترتع - آل سيارة - آل زريق - البطن، ويقال ان هذه السلسلة سميت بمنعاء لمنعتها وتحصنها.
@ جبل عكران: ويقع في الجهة الشرقية من تنومة ويوازي سلسلة جبال منعاء، ويتميز هذا الجبل بأنه غني بالآثار ويبلغ ارتفاعه 2480متراً.
@ جبل مومة: ويسمى أيضاً بجبل ذات العود، ويقع في الجهة الشمالية الغربية لتنومة، وله قمة مستوية تنتشر بها القرى والأراضي الزراعية، ويشتهر بكثرة مناحل العسل.
كما أن هناك العديد من الأدوية المشهورة في تنومة ومنها:
@ وادي ترج: المشهور تاريخياً والذي يقال أنه كان مأسدة من مآسد الجزيرة العربية قديماً، ويعد أكبر أودية المنطقة وأشهرها.
@ وادي تريس: ويعد من أهم الأودية وأطولها ويصب فيه عدد من الروافد الصغيرة، بالإضافة إلى وجود أودية أخرى من أشهرها وادي المطعن ووادي مليح ووادي تنومة، إضافة إلى الكثير من البحيرات الصغيرة الغنية بالمياه وتسمى محليا بالكظايم وفردها كظامة ولها مجار خاصة تسمى بالدبول مدفونة تحت الأرض وتمتد إلى المزارع البعيدة عنها لريها وسقيها.
الغابات والمنتزهات
كما تشتهر تنومة بكثرة غاباتها، وكثافة أشجارها وخاصة على السفوح العليا المواجهة للرياح الجنوبية الغربية الرطبة الممطرة صيفاً، وتكثر فيها أشجار العرعر والعتم الشث والطلح والسمر والسدر والنيم والعثرب والعرفج وغيرها، ومن أشهر الغابات في تنومة:
@ غابات الشرف والمحفار والشعف والمنحدرات الغربية التابعة لها، وهي في مجموعها متنزه جميل وموقع سياحي متميز يطل على تهامة غرباً وعلى تنومة شرقاً.
@ غابات الأربوعة وبرمة وتكثر فيها أشجار العرعر والطلح والشث والعتم وتعد من أكثف الغابات في الجهة الغربية لتنومة.
وكذلك تشتهر تنومة بوفرة الحشائش التي تعطي مساحة واسعة من مساحة الغابات في تنومة، وتوجد عادة بين الأشجار ومناطق أحواض الأودية، كما تنتشر على المرتفعات الشرقية، الأمر الذي ساهم في إيجاد المتنزهات الطبيعية ذات المناظر الخلابة التي تجذب الزائرين الى تنومة لتكون منطقة سياحية متميزة.
آثار تنومة
ومن الآثار في تنومة مسجد اثري قديم صغير على قمة جبل عكران يرجع لعصر قديم، له فتحة واحدة صغيرة لا تسمح الا بدخول شخص واحد من خلالها وليس له سقف وله محرابان وبه بعض الكتابات والنقوش الصخرية القديمة التي لم يتمكن احد من فك رموزها الى الآن كما ان بهذا الجبل نحت صخري ضخم لثعبان اسود وحية بنية اللون يمكن مشاهدتهما من اسفل الجبل بوضوح اما سبب او كيفية وجودهما فلا يعرف عنه شيء اللهم الا بعض الاساطير والخرافات القديمة، كما يوجد عدد من الحصون (القلاع) القديمة البنيان التي تتميز بمناعتها وارتفاع بنيانها واختلاف اشكالها ودقة تصميمها وروعة تنفيذها وغالباً ما تكون نوافذها صغيرة وهذه الحصون كثيرة جداً في تنومة وكانت تستعمل قديماً في الحروب وحفظ الحبوب التي كانت تشكل الغذاء الرئيسي للأهالي. وتوجد طريق القدم الأثرية القديمة التي تصل بين أغوار تهامة وسراة تنومة ويمكن مشاهدتها بوضوح من متنزه المحفار وتظهر آثار بعض الحوافر الواضحة على الصخور كما ان هناك طريقاً قديماً على شكل درج مبني ومرصوف ممتد على طول عقبة ساقين ويصل بين تنومة وتهامة منذ عهد العثمانيين وتوجد ايضاً أطلال المباني القديمة المبنية من الحجر والطين التي لا تزال بعضها محتفظة بمتانتها وصلابتها رغم مضي اكثر من أربعة قرون على بنيانها وسقوفها مبنية بالأخشاب والتراب ويتميز بعضها بتعدد الادوار وسماكة البناء واكثر ما يلفت النظر في حجارة هذه المباني القطع الصخرية الضخمة الحجم التي نحتت بعناية تامة ودقة بالغة ورفعت الادوار العليا بشكل لا يصدق. وهناك مقابر ممتدة على مساحات واسعة من الأرض فوق جبل منعاء التي يتجه بعضها جهة الشمس مما يدل على انها مخلفات لبعض الحروب القديمة كما ان بأعلى الجبل عدد كبير من القرى والمزارع التي تتوفر بها المياه العذبة والاشجار والغابات ويقطنها عدد كبير من السكان هذا بالإضافة الى العديد من الكهوف الحجرية والآبار المطمورة والقبور القديمة الواسعة المساحة والمبنية بعناية تامة ودقة بالغة واحجار مستطيلة ضخمة.
تنومة والتنمية
كان لنا ان نلقي الضوء على المجال التنموي في تنومة حيث حظيت كغيرها من مناطق المملكة بدعم سخي من حكومة خادم الحرمين الشريفين حيث توفرت بها جميع الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية والاتصالات والمواصلات وفتحت العديد من الطرق الجديدة المؤدية الى المتنزهات مثل منتزه الحيفة والشرف ومنعاء ومنصبة وقامت بلديتها بانشاء العديد من الجسور والعبارات ما بين الاودية المجاورة لوادي تنومة. وفي المجال الزراعي فإن منطقة تنومة تعرف بزراعة الذرة والشعير والقمح والعدس اضافة الى انه يوجد بها العديد من بساتين الفاكهة منها الرمان والتين والعنب والمشمش والخوخ والسفرجل ويشرف على هذه البساتين فرع وزارة الزراعة في تنومة.
هذا وتتميز تنومة بأريحية التنسيق في جماليتها حيث اضافت مشاريعها جمالا آخر لطبيعتها ولعل من أبرز من ذلك شلال البلدية الذي يتوسط المدينة على الشارع العام وبارتفاع شاهق اضافة الى القرية التراثية الجديدة التي تتدفق جمالا بشلالاتها التي تصب من على جنباتها.
المصدر - صحيفة الرياض
الثلاثاء 3 رجب 1428هـ - 17 يوليو 2007م - العدد 14267
ولمعلومات وافية يمكنكم زيارة هذا الرابطين