×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

تعظيم قدر الصلاة

التحرير
بواسطة : التحرير

تعظيم قدر الصلاة


الحمد لله الولي الحميد؛ أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وهدانا لدينه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، نحمده على نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يستحق العبادة سواه، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ بشرنا وأنذرنا ورغبنا ورهبنا، وتركنا على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله ربكم، وأسلموا له قلوبكم، وأقيموا له صلاتكم، وأخلصوا له في أعمالكم؛ فإن الجزاء على دينه عظيم، وإن العذاب على تركه شديد [فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ] {الحج:50-51}.

عباد الله
في السنة الحادية عشر من الهجرة المباركة أشتد المرض على المصطفى (ص) أعني مرض الوداع الذي مات فيه عليه الصلاة و السلام والنبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم ـ يوم الخميس - قبل الوفاة بأربعة أيام , وقد صلى بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب، فقرأ فيها بالمرسلات عرفاً .
وعند العشاء زاد ثقل المرض، بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد . قالت عائشة : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أصَلَّى الناس ؟ ) قلنا : لا ، هم ينتظرونك . قال : ( ضعوا لي ماء في المِخْضَب ) ، ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه . ثم أفاق، فقال (ص) : : ( أصَلَّى الناس ؟ ) قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . قال : ( ضعوا لي ماء في المِخْضَب ) ، ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه . ثم أفاق، فقال : ( أصَلَّى الناس ؟ ) قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . قال : ( ضعوا لي ماء في المِخْضَب ) ، ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه . ثم أفاق، فقال ( أصَلَّى الناس ؟ ) قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس،
اللهم صل و سلم على الرحمة المهداه أتدرون لماذا هذا الاهتمام من المصطفى (ص) بهذه الشعيرة لعدة أمور لأن الصلاة عماد الدين : لا يقوم الدين إلا بالصلاة قال (ص): رأس الأمر الإسلام , و عموده الصلاة , و ذروة سنامه الجهاد . و إذا سقط العمود سقط ما بني عليه , و لأنها أول ما يحاسب عليه العبد من عمله , فصلاح العمل و فساده بصلاح الصلاة , فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي (ص) قال : أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة , فإن صلحت صلح سائر عمله , و إن فسدت فسد سائر عمله .
فلنحذر يا عباد الله , فلن تقبل هذه الأعمال التي نعمل , إلا بقبول الصلاة , إذا فسدت الصلاة هلك صاحبها , و خاب و خسر .
آخر ما يفقد من الدين ((هذه الصلاة )) , و إذا ذهب آخر الدين لم يبق شيء منه فعن أبي أمامة مرفوعا : لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم و آخرهن الصلاة . و في رواية من طريق آخر : أول ما يرفع من الناس الأمانة , و آخر ما يبقى الصلاة , و رب مصل لا خير فيه .
كانت هي آخر وصية أوصى بها حبيبنا صلوات الله و سلامه عليه فعن أم سلمة رضي الله عنه أنها قالت : كان من آخر وصية رسول الله (ص) : الصلاة الصلاة و ما ملكت أيمانكم , حتى جعل نبي الله (ص) يجلجلها في صدره و ما يفيض بها لسانه .
و على ذلك تربى أصحاب محمد (ص) لأن قائدهم كان كذلك فهانت أمامهم كل الصعاب في سبيل المحافظة على صلاة الجماعة مع بعد بيوتهم عن المسجد النبوي يأتون يسعون إليها، يمرضون فيؤتي بهم، يهادى الرجل منهم بين الرجلين حتى يقام في الصف، الأعمى منهم يسابق البصير على الصف الأول، . يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (من سره أن يلقى الله غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن - يعنى في المسجد - فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم، كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفع بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، وفي رواية: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان الرجل ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة). رواه مسلم
ولم يرخص عليه الصلاة والسلام للأعمى عن حضورها. والدليل ما روى مسلم عن أبى هريرة قال: أتى ابن أم مكتوم فقال يا رسول الله: إنى رجل ضرير البصر، بعيد الدار، ولي قائد لا يرافقني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي قال: ((هل تسمع النداء، قال: نعم، قال لا أجد لك رخصة))، وفي رواية: ((أتسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح، قال نعم فقال: فحيّ هلا. وبوب العلماء على هذا الحديث بقولهم)) باب إقرار العميان بشهود صلاة الجماعة، وقد اجتمع في ابن مكتوم عدة أعذار:
فهوضرير البصر , و لا قائد له يرافقه , و داره بعيدة عن المسجد , و في طريقه هوام و سباع كثيرة ,
فهل لك من أعذار ابن أم مكتوم شيء , و إن كان لك فلست معذور لأنه لم يعذر هو من قبلك .
يقول ابن عباس رض الله عنه و أرضاه لما طعن عمر بن الخطاب لم أزل عنده , و لم يزل في غشية واحدة ( مغمى عليه ) حتى أسفر : فقيل إنكم لن تفزعوه بشي مثل الصلاة إن كانت به حياة ! لن تفزعوه بشي مثل الصلاة ! لن تفزعوه بشي مثل الصلاة !
_ الله أكبر و الله ما قالها الصحابة رضوان الله عليهم إلا لما علموا من حرصه عليها و تعظيمه لها و قيامه بها رضي الله عنهم أجمعين _ فقالوا : الصلاة يا أمير المؤمنين الصلاة ! فانتبه و قال الصلاة و الله إذن و لا حق ( أي الصلاة مقضية إذن ولا حق مقضي غيرها و كأنه يقول ولا حظي لي فيها لما رأى من حاله)
و نظر في وجوهنا ثم قال : أصلى الناس ؟
قال ابن عباس قلت نعم
قال : لا إسلام لمن ترك الصلاة , ثم دعا بوَضوء فتوضأ ثم صلى و إن جرحه ليثعب دماً .
قال الإمام أحمد رحمه الله: (من أراد أن يعرف قدر الإسلام في قلبه فلينظر إلى قدر الصلاة في قلبه)، فبقدر ما يكون مع الإنسان من تعظيم الصلاة والاهتمام بها والعناية بها والإقبال عليها والتبكير إليها وتعلق القلب بها يكون معه بقدر ذلك من الإسلام، ولذلك كان أول ما يسأل عنه الناس من الأعمال بعد التوحيد مما يتعلق بحقوق الله سبحانه وتعالى الصلاة، فهي أول مسئول عنه، ولذلك ينبغي للإنسان أن يعتني بهذه العبادة الجليلة، وأن يهتم بها، وأن تكون منه على البال دائماً، فهذا هو المعيار والميزان الدقيق، فإذا أردت أن تعرف قدر الإسلام في قلبك فانظر إلى قدر الصلاة في قلبك .
قال ابن مسعود ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها يريد الجماعة إلا منافق معلوم النفاق . رواه مسلم رقم 654
وقد قال تعالى إن المنفقين يخادعون الله وهو خدعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا 4 سورة النساء / الآية 142 يقول بن القيم فهذه ست صفات في الصلاة من علامات النفاق
1) الكسل عند القيام إليها .
2) ومراءاة الناس في فعلها .
3) وتأخيرها .
4) ونقرها .
5) وقلة ذكر الله فيها .
6) والتخلف عن جماعتها .



الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ] {البقرة:123}.
أما بعد
فيا عباد الله
هذه الشعير لها فضائل عظيمة جدا :-
منها :- أنها تنهى عن الفحشاء و المنكر {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45
- و هي أفضل الأعمال عد الشهادتين .
لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألت رسول الله (ص) : أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة على وقتها ..... الحديث .
الصلاة تغسل الخطايا قال (ص): مثل الصلوات الخمس كمثل نهر غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات .
- الصلاة نور لصاحبها .
لحديث عبد الله عمر رضي الله عنهما عن النبي (ص) أنه ذكر الصلاة يوماً فقال : من حافظ عليها كانت له نورا و برهانا و نجاة يوم القيامة , و من لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان و لا نجاة , و كان يوم القيامة مع قارون و فرعون و هامان و أبي بن خلف .قال الإمام بن منذر في الترغيب و الترهيب رواه أحمد بإسناد جيد
أجر الخارج إليها كأجر الحاج المحرم
لحديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال : من خرج من بيته متطهراً إلى الصلاة المكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم , و من خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه ( لا يتعبه ) إلا إياه فأجره كأجر المعتمر , و صلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين . ( حسنه الألباني في صحيح سنن ابي داود )
الهم وفقنا للمحافظة عليها و القيام بها على الوجه الذي يرضيك عنا يا رحمان يا رحيم .
هذا و صلوا و سلموا ....
بواسطة : التحرير
 0  0  3153