×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

تربية البنات

التحرير
بواسطة : التحرير

تربية البنات
الجمعة 16/ 8/1430هـ



الحمد لله العليم الخبير ؛ شرع لعباده من الدين أحسنه ، واختار لهم من الشرائع أكملها ، فأكمل لهم دينهم ، وأتم عليهم نعمته ، ورضي لهم الإسلام دينا ، نحمده على ما شرع وأوجب ، ونشكره على ما أعطى وأنعم ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ خلق فأتقن الخلق ، وحكم فأحسن الحكم ( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ أنصح الخلق للخلق ، وأتقاهم لله تعالى ، لا خير إلا دلنا عليه ، وأمرنا به ، ولا شر إلا حذرنا منه، ونهانا عنه ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ؛ أسرع هذه الأمة استجابة للأوامر الربانية ، وأشدهم التزاما بالأحكام الشرعية ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : فاتقوا الله - أيها الناس - وأطيعوه ، واعملوا في دنياكم ما يكون زادا لكم في أخراكم ، واعلموا أن الدنيا إلى زوال ، وأن الآخرة هي دار القرار ، وأن الموت حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم
عباد الله
كان بعض العرب قديما يرون البنت حملاً فادحا تتخاذل قواهم دونه , يشفقون فيه من وصمة الذل ووصم العار , يخشون أن تكون سبياً فياله من عار , أو تأتي بما يخدش عرضها , فإما أن يتبقيها على كره لها , ومضض منها , وترقب لموتها , أو يفزع إلى الحفر فيقذفها في جوفها , ويهيل التراب على غَضَارة عودها , ونضارة وجهها , وبدل أن يدعها تستقبل الوجود , وتبحث عن نسيم الحياة , يدعها في غمرة الموت بين طباق الأرض .
وذكر صاحب تتمة اضواء البيان جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : أمران في الجاهلية . أحدهما : يبكيني والآخر يضحكني .
أما الذي يبكيني : فقد ذهبت بابنة لي لوأدها ، فكنت أحفر لها الحفرة وتنفض التراب عن لحيتي وهي لا تدري ماذا أريد لها ، فإذا تذكرت ذلك بكيت .
والأخرى : كنت أصنع إلهًا من التمر أضعه عند رأس يحرسني ليلاً ، فإذا أصبحت معافى أكلته ، فإذا تذكرت ذلك ضحكت من نفسي .
و أورد السيوطي رحمه الله أن الرجل كان يشترط على امرأته أنك تئدين جارية وتستحبين أخرى فإذا كانت الجارية التي توأد غدا من عند أهله أو راح وقال : أنت علي كأمي إن رجعت إليك ولم تئديها فترسل إلى
نسوتها فيحفرن لها حفرة فيتداولنها بينهن فإذا بصرن به مقبلا دسسنها في حفرتها وسوين عليها التراب .
هذا وأدهم في الجاهلية , فهل بقي وأد بعد ذلك الوأد , هل هناك من يدعو لوأد البنات ؟ نعم !! هناك من يدعو إلى وأد غير الوأد , أوليس بين أظهرنا من ينشد المرأة أن تئد نفسها وهي حية , ينشدون المرأة , أن تئد نفسها ولكن من دون تراب , ينشدون المرأة أن تئد نفسها في عفتها !! أن تئد نفسها في كرامتها !! أن تئد نفسها في طهارتها وبرائتها , فما قيمة حياتها إذن ؟ ماذا تجني من بقائها حية , إلا العار و الشنار !!
لو قلت لكم من على هذا المنبر , إن وأد هذا العصر أشد خطراً من وأد الجاهلية الأولى , أوكنتم مصدقي ؟ إن قلتم نعم فستسألون لماذا ؟ فأقول لكم إنه قد جاء في مسند الامام أحمد عن النبي (ص) أنه قال : و الموءودة في الجنة . و أما الموءودة في هذا العصر فكيف تكون كذلك وهي التي وأدت نفسها , فأذهبت عفتها , وباعت حياءها , ألم يقل المصطفى (ص) عن أمثالها : بأنهن كاسيات عاريات , مائلات مميلات , رؤوسهن كأسنمت البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها .
أيها المؤمنون
حين جاء الإسلام والعرب يئدون البنات , أمر بالإحسان إليهن والإنفاق عليهن , ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ جَاءَتْنِى امْرَأَةٌ وَمَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَسَأَلَتْنِى فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِى شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَأَخَذَتْهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَابْنَتَاهَا فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهَا فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنِ ابْتُلِىَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَىْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ».
وله عنها رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْنِى مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِى كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِى شَأْنُهَا فَذَكَرْتُ الَّذِى صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ ».
و له أيضاً عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ». وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. رواه مسلم
قال النووي رحمه الله - ومعنى عالهما قام عليهما بالمؤنة والتربية ونحوهما
عباد الله
ها هو عليه الصلاة و السلام يوجهنا بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من التعامل مع النساء , فأمرنا بمؤنة وتربية بناتنا و نسائنا تربية صحيحة مستقيمة , ولكن الواقع يشهد مآسي تندى لها القلوب , فالإعلام الفاسد الذي ملائ كثيرا من البيوت وبشكل يومي ، بل وفي كل ساعة ولحظة ، اعتاد مشاهدوه على سفور النساء ، وظهورهن بأبهى حلة ، وأجمل زينة ، متكشفات مبتسمات ، مختلطات بالرجال ، تجلس المرأة بجوار الرجل وتمازحه وتضاحكه ، أمام ملايين المشاهدين والمشاهدات ، ولا هي قريبته ، ولا هو محرم لها ، وليس بينهما رباط إلا رباط الإعلام والشيطان ، ولا يكاد يخلو برنامج أو فقرة من رجل وامرأة في الأخبار والحوار والرياضة والسياسة ، والأزياء والطبخ ، بل حتى برامج الأطفال لا بد فيها من فتى وفتاة ، وهذه الصورة المتكررة في كل لحظة تهون هذا المنكر العظيم في نفوس المشاهدين ، وتحوله من معصية وعيب إلى لا شيء ؛ وتلك والله من الفتن التي يرقق بعضها بعضا كما جاء في الحديث ، واعتياد الناس لهذه المشاهد الآثمة يجعل إنكارهم لها ، وانصرافهم عنها ضعيفا جدا ، بل لربما أنكر أكثرهم على من ينكرها ، أو ينكر على من يشاهدها ، فانقلبت من كونها منكرا وباطلا إلى معروف وحق لا يجوز أن يجادل فيه أحد.
ومن آثار هذا التجييش الإعلامي للباطل ، ونشر تلك الرذائل على أوسع نطاق نرى تغيرا مستمرا في كثير من بيوت المسلمين ، يتجلى في مظاهر عدة ، وأخلاق بديلة لم يكن المسلمون يعرفونها قبل هذا الغزو الإعلامي ، من التساهل بالحجاب ، وسفر الفتاة للدراسة بلا محرم ، ومزاحمة المرأة للرجال في العمل ، واختلاطها بهم في كثير من المجالات والأعمال ، بلا خجل ولا حياء ، وأهل الفساد يوسعون دائرة الإفساد ليجتاح الأمة بأكملها ، ويأتي على البيوت والأسر كلها ، وإذا لم يسع المسلمون لإيقاف هذه الأمراض التي تفتك بالمجتمعات ، ولم يأخذوا على أيدي دعاة الرذيلة وناشري الفساد ؛ فإنه سيأتي اليوم الذي يفقد فيه الرجل سلطانه على نسائه وبناته ، فيخرجن متى أردن ، ويصاحبن من شئن ، ويفعلن ما يحلو لهن ، كما وقع في كثير من بلاد المسلمين التي غزاها شياطين الإنس بأفكارهم ، ودمروها بمشاريعهم التغريبية التخريبية ، وحينها لا ينفع ندم ولا بكاء على عفة فقدت ، وقد كانت من قبل تستصرخ أهل الغيرة ولا مجيب لها ، ونعيذ بالله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين إن يحل بها ذلك.
ويعلم المفسدون في الأرض أنهم إن نجحوا في نشر الاختلاط وقهر الناس عليه فإن ما بعد الاختلاط من الإفساد يكون أهون ، والنساء إليه أسرع كالخلوة المحرمة ، وسفر المرأة بلا محرم ، وسفورها وتبرجها ، وعرض زينتها وغير ذلك من الإثم والضلال ، وانتهاك حرمات الكبير المتعال.
ومن نظر في شريعة الله تعالى يجد أنها أوصدت كل الأبواب المؤدية إلى الاختلاط ، وسدت الذرائع لذلك ، وحمت المجتمع من الفاحشة والرذيلة بتشريعات ربانية تبقي على المجتمع عفته وطهارته ونقاءه ، واستقامة أسره ، وصلاح بيوته ما دام أفراده قائمين بأمر الله تعالى ، ممتثلين لشرعه ، مستسلمين لنصوص الكتاب والسنة ، ولم يسمحوا للمفسدين أن ينخروا ذلك السياج الرباني بين الرجال والنساء.
يقول الله تعالى قوله سبحانه وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) وهذا الخطاب الرباني لأطهر هذه الأمة قلوبا وهم الصحابة رضي الله عنهم ، وفي أعف النساء وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، فما بالكم بمن هم دونهم من الرجال ، ودونهن من النساء ؟ ( فاسألوهن من وراء حجاب ) فالخالق الرازق سبحانه يأمر في كتابه بالحجاب بين الرجال والنساء والمفسدون يريدون تحطيمه وإزالته.
وفي خطاب رباني آخر( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ثم قال سبحانه( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) فلو كان الاختلاط سائغا في الشرع لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يطاق ؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل ، وتجلس بجواره في العمل أو الدراسة ، ولا ينظر كل واحد منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس.
وذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من حق الطريق: غض البصر ، فإذا كان غض البصر واجبا على الرجال إذا مرت بمجلسهم في الطريق امرأة ، فكيف يسوغ للمزورين أن يزعموا أن شريعة الله تعالى لا تمانع من اختلاط الرجال بالنساء. وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والدخول على النساء ) رواه الشيخان. فكيف إذا بالمكث عندهن وأمامهن وبجوارهن في ساعات العمل كل يوم.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم عمل على منع الاختلاط في الطريق أثناء الخروج من المسجد ، وما هو إلا لحظات ، وعقب عبادة عظيمة ، والرجال فيه والنساء من المصلين والمصليات ، وهم وهن أقرب للتقوى ، وأبعد عن الريبة ، فكيف بغير ذلك ؟ روت أم سلمة رضي الله عنها: (أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من الصلاة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال ) رواه البخاري والنسائي.
تلك هي شريعة الله تعالى في قضية الاختلاط التي يسعى المنافقون والشهوانيون لإقناع الناس أن الاختلاط لا يعارض الدين ، وأنه من أسباب الرقي والتقدم ، كذبوا والله وضلوا وأضلوا.
أفبعد هذه النصوص المحكمة الواضحة يليق بالمؤمنين والمؤمنات أن يصدقوا أكاذيبهم ، ويرضوا بمشاريعهم ويستسلموا لإفسادهم ، وإخراجهم لنساء المسلمين وبناتهم ، وقتلهم لحيائهن وإحصانهن وعفافهن ، ويتركوهم ينخروا في المجتمع ، ولا ينكرون ذلك عليهم؟! وقد استبان لهم الحق بأدلته ، وبان لهم الباطل بدجله وعورته ، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ، ونشكره على فضله وإنعامه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم لقائه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ).
عباد الله
بما أن المفسدين يزعمون أنهم بمشاريعهم التغريبية التخريبية ينصرون المرأة ويدافعون عن حقوقها في الاختلاط والفساد فإنني سأنقل بعض أقوال النساء الغربيات حتى نعرف رأيهن في الاختلاط وقد جربنه ، وسبقن نساء العالمين إليه ، ولسن متهمات بأنهن مؤدلجات أو متطرفات ، أو يعشن عصور الظلام والحريم كما يقول المنافقون والمنافقات.
تقول الصحفية الأمريكية هيليان ستانبري (أنصحكم بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم ، امنعوا الاختلاط ، وقيدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا لعصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا ، امنعوا الاختلاط ، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير ، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعـًا مليئـًا بكل صور الإباحية والخلاعة ، إن ضحايا الاختلاط يملأون السجون ، إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي قد هدد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق ).
وتقول كاتبة أخرى: إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال . وفي بريطانيا حذرت الكاتبة الإنجليزية " الليدي كوك " من أخطار وأضرار اختلاط النساء بالرجال فقالت: على قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى وقالت: علموهنَّ الابتعاد عن الرجال.
فهل يبقى لدعاة الاختلاط والفساد قول وقد عارضوا شريعة الله تعالى ، وخالفوا الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وكذبوا على الناس فزوروا الحقائق ، وأخفوا النتائج المخزية للاختلاط في البلاد التي اكتوت بذلك.
فلا تجعل يا عبد الله من تحت يديك من النساء ضحية لأولائك حمى الله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين من المفسدين والمفسدات ، والمنافقين والمنافقات ، وردهم على أعقابهم خاسرين ، إنه سميع قريب.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد
بواسطة : التحرير
 0  0  2662