×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

أهلاً رمضان

التحرير
بواسطة : التحرير

أهلاً رمضان
الجمعة 30/ 8/1430هـ



الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102} [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1} [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] {الأحزاب:70-71}.
أما بعــد
فيا عباد الله
ما زالت جروح المسلمين تنزف , وما زال الأعداء يواصلون مسلسلهم الدامي في جسد أمة الإسلام , ففي كل يوم نسمع بمصيبة تدمع لها الأعين , فهذا إعلان عن تفجير قتل فيه العشرات , وجرح فيه المئات , وامتلأت البيوت بالأرامل و اليتامى , ضج الأطفال لفقد ذويهم و والديهم , وذاك إعلان عن بدء عمليات في جزء آخر من جسد الأمة , بلد كان آمن وهو اليوم يعيش القلاق و المحن .
وفي خضم هذا الأحداث , و من بين هذه الزفرات والأنات , ما هي إلا ساعات قلائل , وسيطل على الجميع ضيف مبارك , ضيف كريم , ولكن الفارق كبير , بين أقوام يستقبلونه بغير آباء ولا أمهات , أقواما يستقبلونه وهم صائمون طوال العام , الفقر أرهقهم , و الجوع أقلقهم , يخافون سطوة العدو , ويترقبون في كل يوم مأساة جديدة , هكذا يستقبلون رمضان .
أما أنا و أنت يا عبد الله فنستقبله في أمن و أمان , في رغد وسعة من العيش , نأكل ما نشاء , و نتوجه أنى نريد , لا خوف ولا قلق , لا هم ولا حزن . أوليست هذه من نعم الله علينا , أما تحتاج إلى شكر , الم يقل الله {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7 لئن شكرتموه على نعمه ليزيدنكم من فضله, ولئن جحدتم نعمة الله ليعذبنَّكم عذابًا شديدًا.
وشكر الله بالعمل ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له لم تصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا .
عباد الله
لقد أقبل شهر الرحمات , شهر الخير و المكرمات , أقبلت يا رمضان وصفوف المسجد تبكي أناسا عمروها بالطاعة , أقبلت يا رمضان ودموع الصالحين تسابق كلماتهم فرحا بمقدمك , أقبلت يا رمضان وفينا من عاهد الله أن يغير حاله في رمضان , أقبلت يا رمضان وكلنا أمل أن نتزود فيك من التقى و الصلاح , أقبلت تحمل في طياتك رحمات متتاليات , أوليس تغلق فيك أبواب النيران , وتفتح أبواب الجنان .
عباد الله
بعد قليل يقدم شهر الصبر الجميل شهر الأخلاق والفضيلة، شهر العطاء والبر والأحسان، شهر المبرات والطاعات، شهر تعطل فيه مكائن الخراب الشيطانية , بعد قليل أنتم على موعد مع موسم الروح المتعبة، مع بستان النفحات والخيرات لك في كل يوم دعوة مستجابة مضمونة
فلك في شهر رمضان ثلاثون دعوة مستجابة في كل يوم وليلة عتقاء
يمنحهم الله نجاة من النار يسيرون بعدها في الأرض وقد أوجب الله لهم الجنة وحرم عليهم النار , عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة - يعني في رمضان - وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة
أيها المؤمن :
حين يهل الهلال الجديد تفتح أبواب السماء إنه حدث كوني هائل أبواب السموات السبع، الهائلة الخلق تفتح كلها فلا يبقى منها بابا مغلقا
إئذانا بتنزل الخيرات واستجابة الدعوات وتدفق العطايا والهبات، وقبول الطاعات في غير رمضان تفتح أبواب السماء في أوقات مخصوصة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء . حديث حسن , وقال صلى الله عليه وسلم
: تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب له هل من سائل فيعطى هل من مكروب فيفرج عنه الحديث.حديث صحيح
أما في رمضان فأبواب السماء مفتوحة من الهلال إلى الهلال ، فكل لحظة فريدة في رجاء الإجابة، وقوة الأمل، وقبول العمل، روى البخاري في صحيحه عن أبي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ »
تفتح أبواب الرحمة رحمة الله الذي وسعت رحمته كل شيء وعم فضله كل حي فيالله كم من عبد فتح له باب رحمة في هذا الشهر فأنزاحت عنه الهموم، وارتحلت عنه الغموم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ». رواه مسلم في صحيحه
وتفتح أبواب الجنة الجميلة تفتح وتتزين حدائقها الغناء وبساتينها الجميلة وأنهار المتدفقة وقصورها اللامعة اللائي تتحير العقول فيهن .
تفتح حقيقة على ظاهرها فيفتحها الله تنشيطا للمؤمنين لبلوغها، وإشارة للعفو والصفح عنهم كما دلت عليها فتحها أبوابه كل اثنين وخميس
لأن المؤمن يراها بروحه وبقلبه يراها فتهزه الأشواق، وتحث العزائم،
أيها المؤمنون
روى أبو هريرة في الصحيحين قال : قال صلى الله عليه وسلم " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وفإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم "
عبد الله
الم تهزك الأشواق , ألم تشتق لغفران الذنوب , ألم تشتق إلى الجنان ,
كأني بكل واحد منكم وهو يقول : بلى والله لقد أشتقت لجنان الرحمن , أشتقت لرمضان , الذي تغفر فيه الزلات , وتقال فيه العثرات .
ولكن الحقيقة التي لابد أن نواجه أنفسنا بها , هي تساؤلات نسأل أنفسنا إياها , لنصحح الطريق .
بماذا ننتظر رمضان ؟ هل ننتظره بشوق لعبادة الله ؟ هل اشتقنا لرمضان لأنه شهر الخيرات ؟ أم لأنه شهر البرامج والمسلسلات ؟ هل سنستقبل رمضان بإعلان توبة نصوح ؟ أم ببرنامج بالمعاصي يفوح ؟
عباد الله أولسنا نسمع قول الله تعالى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد16
أي ألم يحن الوقت للذين صدَّقوا الله ورسوله واتَّبَعوا هديه, أن تلين قلوبهم عند ذكر الله وسماع القرآن, ولا يكونوا في قسوة القلوب كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم- من اليهود والنصارى- الذين طال عليهم الزمان فبدَّلوا كلام الله, فقست قلوبهم, وكثير منهم خارجون عن طاعة الله؟
أخي في الله
إن الإقبال على الله , إن ترك المعاصي و الذنوب , إن عقد العزم على سلوك طريق الصالحين , يحتاج إلى عزيمة من رجل مقدام , قراره في يده , لا يحتاج إلى إذن صاحب , ولا إلى موافقة خليل , لأن أكثر من في الأرض يصدون عن سبيل الله {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }الأنعام116
عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : يا عم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر آخر ما كلمهم : هو على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله
لقد أطاع أبا طالب صاحباه فأدخلاه النار , فهو خالد مخلد فيها .
فتذكر أبا طالب وتذكر قول الله تعالى{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً }الفرقان29
هذا فيمن باع أخراه بدنياه , أما من اشترى الباقي وباع الفاني , فإنها تهون في طريقه الصعاب , فهذا أبو أحمد بن جحش لما خرج مهاجراً إلى الله , ما تنازل ولا تراجع لأنه كان يطلب ويرغب فيما عند الله في هجرته ولو كان ذلك في شدة مشقة وتعب ونصب وكد، راجيا أن لا يخيبه الله كما يروى فيقول واصفا مشهده مع زوجته:
ولما رأتني أم أحمد غاديا.بذمة من أخشى بغيب وأرهب
تقول فإما كنت لا بد فاعل..فيمم بنا البلدان ولُتنأ يثرب
فقلت بل يثرب اليوم وجهنا..وما يشأ الرحمن فالعبد يركب
إلى الله وجهي يا عذولي ومن يقم..إلى الله يوما وجهه لا يخيب
في هذا ما يصور قساوة الخروج من أرضهم لكنه خروج في سبيل ربهم فماذا يضرهم والله مولاهم .
فيا من عقدت العزم على التغيير في شهر البركات , حذاري من قطاع الطريق , حذاري من أهل التخذيل و الإرجاف .
فهذا عياش ابن أبي ربيعة لما هاجر خَرَجَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ إلَيه ، وَكَانَ ابْنَ عَمّهِمَا وَأَخَاهُمَا لِأُمّهِمَا ، حَتّى قَدِمَا عَلَيْه الْمَدِينَةَ ، وَرَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَكّةَ فَكَلّمَاهُ وَقَالَا : إنّ أُمّك قَدْ نَدَرَتْ أَنْ لَا يَمَسّ رَأْسَهَا مُشْطٌ حَتّى تَرَاك ، وَلَا تَسْتَظِلّ مِنْ شَمْسٍ حَتّى تَرَاك ، فَرَقّ لَهَا ، فقال له عمر بن الخطاب يَا عَيّاشُ إنّهُ وَاَللّهِ إنْ يُرِيدُك الْقَوْمُ إلّا لِيَفْتِنُوك عَنْ دِينِك فَاحْذَرْهُمْ فَوَاَللّهِ لَوْ قَدْ آذَى أُمّك الْقَمْلُ لَامْتَشَطَتْ وَلَوْ قَدْ اشْتَدّ عَلَيْهَا حَرّ مَكّةَ لَاسْتَظَلّتْ . قَالَ فَقَالَ أُبِرّ قَسَمَ أُمّي ، وَلِي هُنَالِكَ مَالٌ فَآخُذُهُ قَالَ فَقُلْت : وَاَللّهِ إنّك لَتَعْلَمُ أَنّي لَمِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا ، فَلَك نِصْفُ مَالِي وَلَا تَذْهَبْ مَعَهُمَا . قَالَ فَأَبَى عَلَيّ إلّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمَا ؛ فَلَمّا أَبَى إلّا ذَلِكَ قَالَ لَهُ عمر أَمّا إذْ قَدْ فَعَلْت مَا فَعَلْت ، فَخُذْ نَاقَتِي هَذِهِ فَإِنّهُا نَاقَةٌ نَجِيبَةٌ ذَلُولٌ فَالْزَمْ ظَهْرَهَا ، فَإِنْ رَابَك مِنْ الْقَوْمِ رَيْبٌ فَانْجُ عَلَيْهَا : فَخَرَجَ عَلَيْهَا مَعَهُمَا ، حَتّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطّرِيقِ قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ يَا ابْنَ أَخِي ، وَاَللّهِ لَقَدْ اسْتَغْلَظْت بَعِيرِي هَذَا ، أَفَلَا تُعْقِبُنِي عَلَى نَاقَتِك هَذِهِ ؟ قَالَ بَلَى . قَالَ فَأَنَاخَ وَأَنَاخَا لِيَتَحَوّلَ عَلَيْهَا ، فَلَمّا اسْتَوَوْا بِالْأَرْضِ عَدَوْا عَلَيْهِ فَأَوْثَقَاهُ وَرَبَطَاهُ ثُمّ دَخَلَا بِهِ مَكّةَ ، وَفَتَنَاهُ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي بِهِ بَعْضُ آلِ عَيّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ : أَنّهُمَا حِينَ دَخَلَا بِهِ مَكّةَ دَخَلَا بِهِ نَهَارًا مُوثَقًا ، ثُمّ قَالَا : يَا أَهْلَ مَكّةَ ، هَكَذَا فَافْعَلُوا بِسُفَهَائِكُمْ كَمَا فَعَلْنَا بِسَفِيهِنَا هَذَا .
عباد الله أقول ما سمعتم ...


الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه أحمد حمدا يليق بجلاله وأشكره على جزيل إنعامه وعطائه وأصلي وإياكم على نبي الهدى ومصباح الدجى نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
أما بعد: يقول الله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلاْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ إنها دعوة مهيبة ورسالة كريمة إلى حيث الراحة والاطمئنان، والأمن والأمان، والروح والريحان. دعوة من الله جل جلاله لسكنى دار الخلد وجنة المأوى. صحتك فيها لا تقل ولا تفنى، وثيابك فيها لا تبلى، إنها دعوة تطير النفس في أجوائها، وتحلق الروح في سمائها، ويستروح القلب في قسماتها.
ولهذا كانت الجنة قرة عيون المحبين، ومحط أشواق قلوب العارفين، أسهروا ليلهم في سبيلها، وأظمؤوا نهارهم من أجهلها، وبذلوا كل غالٍ ونفيس مهراً لها، وعربوناً لدخولها، فالطريق إذاً إلى هذه الجنة يحتاج إلى زادٍ من التقوى، وعمل متواصل من الخير، وجهد مبذول في سبيل الدين، وجهاد دؤوب للشيطان، وعِراك مستمر مع النفس والهوى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حفت الجنة بالمكاره)).
فاجتهد أخي المسلم: لقد سبق السابقون، وفاز الفائزون، وتأخر عنها الغافلون النائمون. شيء من العمل، يصحبه إخلاص وتقوى، مع توفيق الله عز وجل ورحمته ومغفرته، تكون من أهل نعيم سرمدي لا ينقطع، وتدخل جنة فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
فإن ضاقت الدنيا عليـك بأسرها ولم يك فيها منـزلٌ لـك يُعلـمُ
فحـي على جنـات عـدن فإنها منازلـك الأولى وفيهـا المخيـم
وأقدم ولا تقنع بعـيش منغـصٍ فما فاز باللـذات من ليـس يُقدم
وحيَّ على يـوم المزيـد الذي به زيـارة رب العرش فاليوم موسـم
فيا بائعـاً هـذا ببخـسٍ معجلٍ كأنـك لا تدري، بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تـدري فتلك مصيبة وإن كنت تـدري فالمصيبة أعظـم
اللهم بلغنا رمضان ووفقنا للعمل الذي يدخلنا الجنان , اللهم إنا نسألك الجنة. وما قرب إليها من قول وعمل .اللهم لا تحرمنا لذة النظر إلى وجهك الكريم.اللهم اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا ......اللهم آمنا في دورنا , وأصلح ولاة أمورنا .......
سبحن ربك رب العزة عما يصفون وسلا م على المرسلين والحمد لله رب العالمين.



بواسطة : التحرير
 0  0  2665