×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

يا شباب

التحرير
بواسطة : التحرير

يا شباب


الحمد لله خلق الخلق وأحصاهم عدداً وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً ، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا رادّ لقضائه ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب وصلى الله وسلم وبارك على النبي المصطفى والحبيب المجتبى نبي الأميين بعثه ربه رحمةً للعالمين وعلى آله وأصحابه الأخيار العدول ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين
أما بعد :
عباد الله أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى فنعم الدثار وأكرم بها من شعار نهج المتقين وسبيل عباد الله المفلحين .
أيها الآباء عذراً فإن للشباب حديثهم الخاص وهمومهم التي يعيشونها وآمالهم التي يرجون تحقيقها وأنا أحدهم فدعوني أصارحهم ساعةً من نهار . وقبل أن أشرع في الحديث معكم إخواني الشباب اسمحوا لي بأن أقول لكم وكما تتوقعون ما أقول وأنها خطبة جمعة وشخص سيتحدث من ناحية دينية وعظية وأن المهمة التي أقوم بها هي مهمة النقد والسخرية اللاذعة ودفن الآراء ووأد المشاعر فإني أرجوا أن يفهم القصد وألا تتهم النيات وأن تمنحوني أذهانكم دقائق معدودة فإن كان حقاً ما أقول فقبول الحق والتسليم له من أبرز صفات المتقين المفلحين المنصفين وإن لم تروه حقاً فأرونا الحق نعد إليه جميعاً.
إخواني الشباب لقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة على بيان أهمية مرحلة الشباب قال الله تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمىً ولعلكم تعقلون ) وقال سبحانه : ( هو الذي خلقكم من ضعفٍ ثم جعل من بعد ضعفٍ قوةً ثم جعل من بعد قوةٍ ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ) وامتدح الله أصحاب الكهف فقال : (إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم وزدناهم هدى ) ، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإنسان يسأل يوم القيامة عن عمره عموماً وعن شبابه خصوصاً فقال عليه الصلاة والسلام « لن تزول قدما عبدا يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومنها عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه » وبين ثواب الشاب الذي نشأ في طاعة الله فقال : « سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم شاب نشأ في طاعة الله » وحث عليه الصلاة والسلام على اغتنام أوقات الشباب فقال : « اغتنم خمساً قبل خمس ومنها شبابك قبل هرمك ».
إخواني الشباب وهل تمتطي صهوة المجد وترتقي ذروة العز ألا في سن الشباب ولا عجب أن يبكي الإنسان على شبابه الذي مضى وانقضى فقد أفل نجمه وغربت شمسه
بكيت على الشباب بدمع عيني ** فما أغنى البكاء ولا النجيب
ألا لـيت الشباب يعـود يومـــــاً ** فـأخبـره بـمـا فعـل المشـيب
أيها الشباب إن النضج الفكري والجسدي لا يعني التمرد على حدود الله تعالى فليس ترك الصلاة رجولة أو خشونة أو منزلة رفيعة تدق في سبيلها الأعناق وليست الصلاة عيباً تُخدش به سمعة الشاب بل إن تركها هو الكفر البواح بإجماع الصحابة الذي يستحق تاركها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً خالداً مخلداً في نار جهنم .
وليس التمايل مع الأغنية الماجنة والتصفيق لها وجه تميز ولا صفة مدح بل هو طمس لمعالم الرجولة والميل إلى أقبح الصفات والتشبه بأراذل النساء وقد انعقد إجماع الأئمة الأربعة على تحريم الغناء .
وليس الاستهزاء بدين الله والسخرية من أهله مبدأ يستحق الإشادة بصاحبه بل هو ولوج للكفر من أوسع أبوابه ، قال الله تعالى : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ... )
أيها الشباب إنكم لستم كشباب أي أمة من أمم الأرض بل أنتم شباب خير أمة أخرجت للناس أخرج الله بها الناس من الظلمات إلى النور تشهد بذلك بقاع الأرض وإن كنتم في شك فسلوا مصر وواديها سلوا الجزيرة وفيافيها سلوا الدنيا ومن فيها . إن عندهم جميعاً خبراً من بطولاتنا وتضحياتنا . نحن حملنا المنار الهادي والأرض تتيه في ليل الجهل وقلنا لأهلها هذا الطريق . نحن نصبا موازين العدل يوم رفعت كل أمة عصا الطغيان . نحن بنينا للعلم داراً يأوي إليها حين شرده الناس عن داره . نحن أعلننا المساواة يوم كان الناس يعبدون ملوكهم ويؤلهون سادتهم . نحن أحيينا القلوب بالإيمان والعقول بالعلم والناس كلهم بالحرية والحضارة . نحن علمنا أهل الأرض وكنا الأساتذة وكانوا التلاميذ ملكنا فعدلنا وبنينا فأعلينا وفتحنا فأوغلنا وكنا الأقوياء المنصفين وكنا خير الحاكمين وسادة الفاتحين . أقمنا حضارة كانت كلها خيرا وبركات حضارة روح وجسد وفضيلة وسعادة فعم نفعها الناس وتفيأ ظلالها أهل الأرض جميعاً كيف تنسون أيها الشباب هذا المجد التليد الذي عجزت أمم الأرض أن تدانيه فضلاً عن أن تصنع مثله . إنكم معشر الشباب إذا فعلتم مثل ما فعلوا نلتم ما نالوه وحققتم ما حققوه.
أيها الشباب وإني أذكركم ما تعيشونه من رغد العيش والأمن فأنتم ترفلون في ثياب العافية وتتقلبون في أعطاف النعيم تدخلون بيوتكم آمنين تأكلون وتشربون وتلبسون ما تشاؤون ولكني أنقلكم إلى ما حولكم من البلاد فكلكم رأى تلك الصور المبكية المحزنة المخزية للشباب الثلاثة في فلسطين وقد أطلقت عليهم رصاصات إخوة القردة والخنازير حتى فتح رأس أحدهم وانقسم نصفين كل ذلك يحدث على سمع العالم وبصره وكأن أهل فلسطين لا بواكي لهم فإذا قلبت طرفك فيما يحدث على أرض أولى القبلتين ومسرى سيد الثقلين أو ذهبت إلى أرض الرافدين انقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير . فاشكروا نعمة الله عليكم أيها الشباب وتمسكوا بدين الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .
إخواني الشباب وكم للجليس من أثر فكم من شاب انغمس في دركات الرذيلة نيل من عرضه وسلب كرامته وأهين قدره وبيعت رجولته بسبب جليسه يزينون له سوء عمله فيراه حسناً ويمتدحونه بجرأته على حرمات الله ويصطنعون عبارات الثناء الفارغة تشجيعاً له حتى يقع أسير شهوته أو مملوكاً لمعصية حتى يصبح من أرباب السوابق ومروجو الفسق وربان الانحطاط قد أصبحت دواب الأرض تتبعه اللعنة قد استطار شره وعظم فساده وما ذاك إلا بسبب جلسائه ، واسألوا السجون ومستشفيات الأمل كم من شاب ولج طريق الغواية عن طريق جلساء السوء . وأما يوم القيامة فقد أخبر الله تعالى أنه يلعن بعضهم بعضاً فقال : ( ثم يوم القيامة يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضاً ... ) وقال سبحانه ( وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ) .
أيها الأخوة ولقد دعاكم الله وهو الغني الحميد إلى التوبة والعودة إليه فقال : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه الغفور الرحيم ) وقال سبحانه : ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ).
وفي الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى « يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم » .
وما الذي ننتظره أيها الشباب هل ننتظر إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون . فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) بارك الله ........



(((((((((( الخطبة الثانية ))))))))))

الحمد لله ولي المتقين إله الأولين والآخرين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخاتم المرسلين وعلى آله وصحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
أيها الشباب قد يستطيع الإنسان التخلص من مراقبة المخلوقين والتحايل عليهم ولكن أين يذهب من أعضائه التي تشهد عليه عند الله إذا ختم على فمه ونطقت جوارحه بما كان يصنع . قال الله تعالى : ) اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون (.
ثم أين يذهب من علام الغيوب سبحانه وهو الذي يراه أينما كان : ) ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علاّم الغيوب ( وقال سبحانه : ) أم يحسبون أنا لا نعلم سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ( .
لماذا يكون الله جل جلاله هو أهون الناظرين إليكم وأنتم إليه راجعون . إياكم أن تغتروا بستر الله عليكم فإنه حليم عليم واحذروا أن تنسوا قدرة الله عليكم فإنه على كل شيء قدير .
أيها الشاب وقد انتهت مدة إقامتك في هذه الدار وجاء الموت بما فيه فأي إنسان تكون أتبشر بِرَوحٍ وريحانٍ وربٍ راضٍ غيرِ غضانٍ أم يقال اخرجي أيتها الروح الخبيثة كنت في الجسد الخبيث اخرجي إلى سخطٍ من الله وغضبٍ فتخرج كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض .
إنها لحظة بكاها فاروق الأمة فقال والله لو أن جبال الأرض ذهباً لافتديت به من هول المطلع .
كيف بك إذا بلغت التراق والتفت الساق بالساق وبلغت الحلقوم وأتاك الشيطان يزين لك الموت على غير ملة الإسلام وقد أطعته أيام شبابك الخالية أين قوتك أين شبابك أين جلساؤك هل يغنون عنك شيئاً هل يردون عنك الموت ولو لحظة هل يزيدون حسنةً واحدة هل يمحون سيئة واحدة .
كيف بك إذا نودي بك غداً في الدار الآخرة على رؤوس الأشهاد يا فلان بن فلان قم إلى ربك ليحاسبك ، يحاسبك الذي ضيعت أوامره وارتكبت محارمه فيعرض عليك كتابك ويقول الله لك هل تنكر منه شيئاً فتقول لا يا رب فيقول أظلمك الكرام الكاتبون فتقول لا يا رب فيقول الله يا ملائكتي خذوه ومن عذابي أذيقوه فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني فيسحب إلى نار أوقد عليها ثلاثة آلاف سنة فهي سوداء مظلمة يحطم بعضها بعضاً شرارتها كالقصر شرابهم المهل والصديد ولباسهم القطران والحديد .
فاتقوا الله معاشر الشباب وعودوا إلى الله قبل فوات الأوان أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين .
عباد الله صلوا وسلموا على محمد بن عبدالله..........
بواسطة : التحرير
 0  0  2598