×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

حق المسلم على المسلم

التحرير
بواسطة : التحرير

حق المسلم على المسلم

((((((((( الخطبة الأولى )))))))))))

إن الحمد لله .. وبعد :
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره ، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ).
ما أعظم هذا البيان وما أعذب هذا الحديث .
ماذا تقولون لربكم وقد سمعتم هذا الحديث في هذا اليوم .
ألا وإن أقواماً قد رضوا لأنفسهم أن يفعلوا ما يفعله الشيطان اللعين من التحريش والتفريق والإفساد بين المسلمين فالله بيننا وبينهم يوم لقائه سبحانه .
ألا يكفي يا عباد الله ما يحدث في مجتمعنا من تحاسد وتدابر وتباغض وظلم وكذب واحتقار وتطاول في الأعراض .
قال عليه الصلاة والسلام : « لا تحاسدوا » :
الحسد : تمني زوال النعمة عن الغير ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (( الحسد كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمن زواله )) .
والحسد حرام لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تحاسدوا » . والحكمة من تحريمه أن فيه اعتراض على الله جل وعلا فلسان الحاسد يقول كيف تنعم يا رب على فلان بجاه أو مال أو نعمة ولم تنعم علي ؟
والحسد من صفات أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ) قال الله تعالى : ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ... ).
وقال سبحانه : (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ... (
والحسد يقضي على أقوى الروابط
فقد حسد أبناء يعقوب أخاهم يوسف عليه السلام وكانوا سبباً فيما تعرض إليه من محن ومصائب فألقوه في غيابة الجب وعرضوه للرق وبيع بثمنٍ بخس دراهم معدودة ثم السجن والسبب في ذلك أنهم حسدوه على محبة يعقوب له فأبكوا أباهم حتى فقد بصره وظل يذكره حتى كاد أن يكون حرضاً أو يكون من الهالكين .
وهاهم أبناء رجل واحد قتل أحدهم أخاه وما ذاك إلا بسبب الحسد إنهم ابني آدم عليه السلام ، قال الله تعالى: ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل من المتقين) .
والحسد يا عباد الله صد إبليس عن الإيمان بالله عز وجل فقد حسد آدم عليه السلام على ما أنعم الله به عليه وسعى لإزالة هذه النعمة منه فطرد من رحمة الله ووعده الله بعذاب أليم خالداً مخلداً في نار جهنم .
وكان الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء . وحسبكم فيمن طهرت نفسه من الحسد وزكى قلبه من الحقد والغل على عباد الله حديث أنس بن مالك قال كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام : « يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار وحدث ذلك ثلاثة أيام فسأله عبد الله بن عمر عن عمله فقال إني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه » .
وقوله عليه الصلاة والسلام : « ولا تباغضوا »
نهينا أن نقع في أسباب التباغض لأنه نقيض المحبة التي أمرنا الإسلام بها والتباغض لأجل الدنيا وحظوظ النفس حرام
عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم » .
ولهذا المعنى حرم المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء ورغب في الإصلاح بين الناس ، قال الله تعالى : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ( ، وقال سبحانه ) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ... ( وقال سبحانه : ) فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ... (
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « تعرض الأعمال على الله يوم الاثنين والخميس إلا رجلين بينهما شحناء فيقال أنظرا هذين حتى يصطلحا » .
وانتشار المحبة والألفة بين المسلمين نعمة عظيمة لذلك ذكّر الله رسوله والمؤمنين بهذه النعمة حتى يقوموا بشكرها ويستقيموا عليها ، قال الله تعالى : ) واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على ... ( ، وقال سبحانه ) هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ... ) .
ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم حقوق إخوة الإسلام : -
فقوله صلى الله عليه وسلم « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره ... »
يظهر فيه ما يلي : -
1. يحرم على المسلم أن يظلم أخاه بأي نوع من الظلم سواء بيده أو ماله أو عرضه .
2. يحرم على المسلم أن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته قال تعالى : ( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ... ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً قال تأخذه فوق يديه » أي تمنعه من الظلم.
3. الصدق مع المسلم في الحديث والنصيحة لأن الصدق شعار المتقين وهو طريق البر وهو يهدي إلى دار السلام فلا يحل للمسلم أن يحدث أخاه حديثاً وهو كاذب فيه .
4. لا يحل للمسلم أن يحتقر أخاه فيقلل من شأنه لأن المسلم له قيمة عند الله مهما كان أصله أو وضعه المادي واحتقار المسلم ذنب عظيم قال عليه الصلاة والسلام « بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم » أي يكفيه من الشر احتقار أخيه السلم ، واحتقار المسلمين علامة المتكبر المذموم عند الله ورسوله قال صلى الله عليه وسلم « لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر » .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم « التقوى هاهنا ... »
فالتقوى هي اجتناب غضب الله وعقابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وهي الميزان الذي يتفاضل به الناس عند الله تعالى قال سبحانه ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ... ) ومقر التقوى القلب قال تعالى ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) ، وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صدوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) وإذا كان مقر التقوى القلب فلا يطلع على حقيقتها إلا علام الغيوب قال تعالى ( هو أعلم بمن اتقى ) .
ثم بين صلى الله عليه وسلم حرمة دم المسلم فقد جعل الإسلام لدماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم حرمة ووضع من التشريعات ما يضمن لهم هذه الحقوق الأساسية لقيام المجتمع الآمن لذلك كثيراً ما يكرر وعظه بحرمة الدم والمال والعرض في المجامع العامة العظيمة وذلك لأهميتها فخطب بها في يوم عرفة ويوم النحر واليوم الثاني من أيام التشريق .
قال صلى الله عليه وسلم « إن أدنى الربا مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه ».
قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ... ) .





((((((((((( الخطبة الثانية )))))))))

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
عباد الله ..
لقد أمر عباده بالاعتصام بشرعه وأن يكونوا إخوة متوادين ، قال سبحانه : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) ، وقال ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ... ) ، وقال ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ... )
وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار . ولقد قال صلى الله عليه وسلم « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر » ، وقال عليه الصلاة والسلام : « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه »
ألا فاتقوا الله عباد الله وأصلحوا ذات بينكم . إن الله خبير بما تعملون .
بواسطة : التحرير
 0  0  2510