اندفاع الشباب.. تهوُّرٌ أم صواب؟!
اندفاع الشباب.. تهوُّرٌ أم صواب؟!
مما لا شك فيه أن ظاهرة اندفاع الشباب الملاحَظَة نحو كثير من المَواطن التي يُقدِّمون فيها التضحية العجيبة بالنفوس المعصومة، كما هو الحال في بعض الحالات التي يُقدِّم فيها بعض الشباب أنفسهم ودماءهم في ميادين الحرب والقتال، أو ميادين الإرهاب والتفجير، أو ميادين الاحتجاج والمعارضة، وغيرها من الميادين المزعومة الأخرى التي تأتي في غالبها تعبيراً عن عدم الرضا بالواقع، أو الاعتراض والاحتجاج على بعض الأوضاع ونحوها، هي ظاهرة مؤسفة وحقيقة مشاهَدَة، وواقع مؤلم، وهي بلا شك جديرة بالعناية والاهتمام، ولاسيما بعد تناقل وكالات الأنباء العديد من الأنباء عن أحداث مؤسفة تُنبئ في مجموعها عن إقدام بعض الأفراد على إحراق أنفسهم في عدد من الدول العربية سيراً على خُطى مَنْ أحرق نفسه في تونس مؤخراً.
وإذا كان البعض يستغرب هذا الاندفاع من فئة الشباب على وجه الخصوص فإن الحقيقة تنبئ عن عكس ذلك؛ إذ إن هذا أمر ليس بالغريب من فئة الشباب التي يتوقع منها الكثير من الظواهر المختلفة، ولاسيما في ظل مختلف الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة المسلمة في كل مكان من عالمنا، والمظالم العظيمة التي تئن منها كثير من بلاد المسلمين، والتي تدفع أبناءها دفعاً إلى التضحية بكل شيء حتى الأنفس. علماً بأن إحراق النفس يُعدّ من أكبر الذنوب وأعظم المعاصي؛ فلا يجوز قتل النفس تعبيراً عن الغضب والاحتجاج، أو طلباً لرفع الظلم، وبخاصة أن نفس الإنسان ليست مِلْكاً له، ولا يحق له أن يتصرف فيها بغير أمر الله تعالى؛ إذ إنه مؤتمن عليها، ومطالب بالمحافظة عليها حتى يلقى ربه جل في علاه، والنصوص في هذا الشأن صريحة وبينة لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} سورة النساء: 29 ، ولقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} سورة البقرة: 195.
وهنا يمكن القول إنَّ هذا الاندفاع من فئة الشباب نحو هذه التصرفات يمكن أن يرجع إلى أسباب عديدة ومختلفة، يأتي من أبرزها ما يأتي:
1 - انعدام الوعي الصحيح الناضج عند هؤلاء المندفعين والمتهورين، وهو ما يمكن إرجاعه إلى انخفاض المستوى التعليمي والثقافي ومن ثم الفكري عند هؤلاء الشباب في معظم الأحيان.
2 تعاملهم مع مجريات الأحداث المختلفة من منطلق عاطفي بحت بعيداً عن تحكيم العقل الرشيد والنظر السديد والتدبر الحكيم في مثل هذه الأمور التي لا تحتاج إلى اندفاع وتهور، وإنما تحتاج إلى تدبر وتفكر .
3 تعامل أصحاب هذه القناعات مع الأحداث والتطورات المختلفة في مجالات الحياة من منطلق فكري فردي ضيق ومحدود؛ إذ إن البعض منهم يتوقع أن هذا الاندفاع هو السبيل إلى الجَنّة، وأنه يحقق معنى الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، أو أنه وسيلة لإنهاء الحياة بما فيها من المتاعب والمشكلات والمصاعب، وهذا غير صحيح أبداً، وقد تحدَّث في ذلك الكثير من أهل العلم، وبيّنوا أن هذا الاندفاع يأتي في غير محله، وتكون نتائجه الوقوع في الخطيئة والمعصية والعياذ بالله.
4 - فَهْم بعض النصوص الشرعية في مسألة الجهاد في سبيل الله تعالى فَهْماً فردياً قاصراً، وعدم الرجوع في ذلك إلى العلماء الموثوقين الذين بيّنوا أن للجهاد شروطاً وضوابط تختلف كلياً عن هذا الاندفاع والتهور الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى ما لا تُحمد عقباه من النتائج المؤسفة.
5 - التأثر بما في الساحة من أفكار منحرفة ودعوات مضللة تعكس الحقائق، وتقلب المفاهيم، وتجعل من الحق باطلاً، ومن الباطل حقاً، ولاسيما في بعض الأوساط الاجتماعية التي يغلب عليها قلة العلم الشرعي، وانخفاض الوعي الاجتماعي، والسطحية في التفكير.
6 - عدم وجود المتنفس الكافي لطاقات الشباب في المجتمع؛ حيث إن مرحلة الشباب هي المرحلة العمرية الزاخرة بالطاقات والقدرات والاستعدادات والمواهب المختلفة، وإذا لم تجد من يوجهها ويصرفها إلى ما فيه النفع والفائدة فإنها بطبيعة الحال ستتحول إلى الجانب السلبي الذي يأتي من أبرز أمثلته هذه الظاهرة المؤسفة.
أما مضار هذا الاندفاع ونتائجه السلبية والمؤسفة في كل الأحيان فكثيرة جداً، ويأتي منها:
1- أن في هذا الاندفاع مخالفة صريحة لتعاليم الدين الحنيف وتوجيهاته، وبُعداً عن تربية الإسلام السامية التي نهت عن تعريض النفس للأذى أو التهلكة والعياذ بالله.
2- أن فيه هدراً للطاقات والقدرات الشبابية التي يفترض أن تُوجَّه وتُصرف في كل نافع ومفيد من الأعمال التي يتحقق من خلالها إعمار الأرض واستصلاحها تحقيقاً لمبدأ الاستخلاف الشرعي الذي أمر الله به في كتابه الكريم.
3- أنه يترتب على ظاهرة الاندفاع العديد من المخالفات الشرعية كإزهاق النفس بغير حق، وعقوق الوالدين، وضياع الأُسَر، وفقدان الأمن، وإهلاك الحرث والنسل، وتدمير المنشآت وإحداث الفوضى، ونحو ذلك.
أما كيفية العمل على معالجة هذه الظاهرة فهي بفضل الله تعالى غير مستحيلة، ويمكن تحقيقها من خلال الرجوع إلى تعاليم ومنطلقات الدين الإسلامي الحنيف الصحيحة التي تضبط هذا الاندفاع الشبابي، وتوجِّهه إلى الخير، وتدفعه إلى التعمير لا التدمير.
كما أنه لا بد من التوعية بخطر هذا الاندفاع السلبي الأهوج، والتحذير من مضاره الفردية والاجتماعية، والتنبيه إلى ما يترتب عليه من نتائج مؤسفة لا يقبلها شرع ولا عقل ولا خلق.
أما أبرز الخطوات العلاجية لهذه الظاهرة فيأتي منها:
العمل الجاد على العناية بالشباب والحرص على احتوائهم من خلال مختلف المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية والثقافية والترويحية والوظيفية وغيرها.
تكثيف الجهود الرامية إلى تربيتهم التربية الإسلامية السليمة الواعية التي تنطلق من كتاب الله العظيم وسُنّة رسوله الكريم، والتي تراعي الحقوق والواجبات، وتهتم بالميول والرغبات، وتعمل على توجيه طاقاتهم واستعداداتهم لما فيه صلاحهم وإصلاح أوطانهم.
وإذا كان البعض يستغرب هذا الاندفاع من فئة الشباب على وجه الخصوص فإن الحقيقة تنبئ عن عكس ذلك؛ إذ إن هذا أمر ليس بالغريب من فئة الشباب التي يتوقع منها الكثير من الظواهر المختلفة، ولاسيما في ظل مختلف الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة المسلمة في كل مكان من عالمنا، والمظالم العظيمة التي تئن منها كثير من بلاد المسلمين، والتي تدفع أبناءها دفعاً إلى التضحية بكل شيء حتى الأنفس. علماً بأن إحراق النفس يُعدّ من أكبر الذنوب وأعظم المعاصي؛ فلا يجوز قتل النفس تعبيراً عن الغضب والاحتجاج، أو طلباً لرفع الظلم، وبخاصة أن نفس الإنسان ليست مِلْكاً له، ولا يحق له أن يتصرف فيها بغير أمر الله تعالى؛ إذ إنه مؤتمن عليها، ومطالب بالمحافظة عليها حتى يلقى ربه جل في علاه، والنصوص في هذا الشأن صريحة وبينة لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} سورة النساء: 29 ، ولقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} سورة البقرة: 195.
وهنا يمكن القول إنَّ هذا الاندفاع من فئة الشباب نحو هذه التصرفات يمكن أن يرجع إلى أسباب عديدة ومختلفة، يأتي من أبرزها ما يأتي:
1 - انعدام الوعي الصحيح الناضج عند هؤلاء المندفعين والمتهورين، وهو ما يمكن إرجاعه إلى انخفاض المستوى التعليمي والثقافي ومن ثم الفكري عند هؤلاء الشباب في معظم الأحيان.
2 تعاملهم مع مجريات الأحداث المختلفة من منطلق عاطفي بحت بعيداً عن تحكيم العقل الرشيد والنظر السديد والتدبر الحكيم في مثل هذه الأمور التي لا تحتاج إلى اندفاع وتهور، وإنما تحتاج إلى تدبر وتفكر .
3 تعامل أصحاب هذه القناعات مع الأحداث والتطورات المختلفة في مجالات الحياة من منطلق فكري فردي ضيق ومحدود؛ إذ إن البعض منهم يتوقع أن هذا الاندفاع هو السبيل إلى الجَنّة، وأنه يحقق معنى الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، أو أنه وسيلة لإنهاء الحياة بما فيها من المتاعب والمشكلات والمصاعب، وهذا غير صحيح أبداً، وقد تحدَّث في ذلك الكثير من أهل العلم، وبيّنوا أن هذا الاندفاع يأتي في غير محله، وتكون نتائجه الوقوع في الخطيئة والمعصية والعياذ بالله.
4 - فَهْم بعض النصوص الشرعية في مسألة الجهاد في سبيل الله تعالى فَهْماً فردياً قاصراً، وعدم الرجوع في ذلك إلى العلماء الموثوقين الذين بيّنوا أن للجهاد شروطاً وضوابط تختلف كلياً عن هذا الاندفاع والتهور الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى ما لا تُحمد عقباه من النتائج المؤسفة.
5 - التأثر بما في الساحة من أفكار منحرفة ودعوات مضللة تعكس الحقائق، وتقلب المفاهيم، وتجعل من الحق باطلاً، ومن الباطل حقاً، ولاسيما في بعض الأوساط الاجتماعية التي يغلب عليها قلة العلم الشرعي، وانخفاض الوعي الاجتماعي، والسطحية في التفكير.
6 - عدم وجود المتنفس الكافي لطاقات الشباب في المجتمع؛ حيث إن مرحلة الشباب هي المرحلة العمرية الزاخرة بالطاقات والقدرات والاستعدادات والمواهب المختلفة، وإذا لم تجد من يوجهها ويصرفها إلى ما فيه النفع والفائدة فإنها بطبيعة الحال ستتحول إلى الجانب السلبي الذي يأتي من أبرز أمثلته هذه الظاهرة المؤسفة.
أما مضار هذا الاندفاع ونتائجه السلبية والمؤسفة في كل الأحيان فكثيرة جداً، ويأتي منها:
1- أن في هذا الاندفاع مخالفة صريحة لتعاليم الدين الحنيف وتوجيهاته، وبُعداً عن تربية الإسلام السامية التي نهت عن تعريض النفس للأذى أو التهلكة والعياذ بالله.
2- أن فيه هدراً للطاقات والقدرات الشبابية التي يفترض أن تُوجَّه وتُصرف في كل نافع ومفيد من الأعمال التي يتحقق من خلالها إعمار الأرض واستصلاحها تحقيقاً لمبدأ الاستخلاف الشرعي الذي أمر الله به في كتابه الكريم.
3- أنه يترتب على ظاهرة الاندفاع العديد من المخالفات الشرعية كإزهاق النفس بغير حق، وعقوق الوالدين، وضياع الأُسَر، وفقدان الأمن، وإهلاك الحرث والنسل، وتدمير المنشآت وإحداث الفوضى، ونحو ذلك.
أما كيفية العمل على معالجة هذه الظاهرة فهي بفضل الله تعالى غير مستحيلة، ويمكن تحقيقها من خلال الرجوع إلى تعاليم ومنطلقات الدين الإسلامي الحنيف الصحيحة التي تضبط هذا الاندفاع الشبابي، وتوجِّهه إلى الخير، وتدفعه إلى التعمير لا التدمير.
كما أنه لا بد من التوعية بخطر هذا الاندفاع السلبي الأهوج، والتحذير من مضاره الفردية والاجتماعية، والتنبيه إلى ما يترتب عليه من نتائج مؤسفة لا يقبلها شرع ولا عقل ولا خلق.
أما أبرز الخطوات العلاجية لهذه الظاهرة فيأتي منها:
العمل الجاد على العناية بالشباب والحرص على احتوائهم من خلال مختلف المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية والثقافية والترويحية والوظيفية وغيرها.
تكثيف الجهود الرامية إلى تربيتهم التربية الإسلامية السليمة الواعية التي تنطلق من كتاب الله العظيم وسُنّة رسوله الكريم، والتي تراعي الحقوق والواجبات، وتهتم بالميول والرغبات، وتعمل على توجيه طاقاتهم واستعداداتهم لما فيه صلاحهم وإصلاح أوطانهم.
د. صالح بن علي أبو عراد
أستاذ التربية الإسلامية المشارك بكلية التربية في جامعة الملك خالد بأبها
E.mail:abo_arrad@hotmail.com
أستاذ التربية الإسلامية المشارك بكلية التربية في جامعة الملك خالد بأبها
E.mail:abo_arrad@hotmail.com