×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

إنجازات مسؤول سابق!!



إنجازات مسؤول سابق!!


يعيش اليوم وحيداً كئيباً في عُزلته مذهولا كيف انتهى به الأمر ضحيّة أزمة اداريّة نسفت كل خططه وهدمت كلّ قواعده الهشّة التي أنشأها بالثقة العمياء والمحسوبيّة. عند المشفقين عليه كان الوضع مُتَوقّعا فحينما هبّت عواصف الأزمة اُختير وحده كبش فداء لحسابات لم تكتمل. ومثل هذا المسؤول الفاشل ربما تراه هنا او هناك وقد تلتقيه قريبا.. ليس "شخصاً" بعينه بل "شخصيّة" تتردّد عنها القصص بين هواة جمع العِبَر ممن عملوا ويعملون في العمل العام والخاص. هذا الانموذج كما يقول الرواة يبدأ أول أعماله في سدة "المسؤوليّة "بإخراج قائمة جاهزة بأسماء المعاونين الجُدد من "المحاسيب" واصدقاء الطفولة وابناء العم وكل من يملك روح النكتة ويفتقد التأهيل ناهيك عن الابداع والتميّز. وتتعاظم مشكلة هذا المسؤول حينما لا يرى وهو يوزّع المناصب والمكاسب حقوق الموظفين القدامى والشباب المؤهل حديثا بل لا تقع عين رضا سعادته الا على أسماء وسير ابناء العم واصدقاء الطفولة وربما بعض الشلّة مرورا بأقارب ذوي الفضل من أسهموا في صعوده نحو الكرسي "الدوّار".

كان يضيق وسط ضجيج الأجواء الاحتفالية الذي صنعها من حوله بكل صوت ناقد، وتحت تأثير تخدير همس اهل "الثقة" من المنتفعين لم يقرأ دراسات وتقارير أهل "الخبرة" المزعجين... واستغنى عنهم بتقارير اعلامية منمقة وأخبار انجازات واهية تحملها صفحات الاعلانات الملونة. لم يدرك ولم يذكّره أصحابه بأن من تصدّر للمسؤوليّة العامة فهو محاسب عن حقوق الناس لأنه بذلك التعيين ومنذ لحظة تسلمه وقبوله أمانة المسؤوليّة يحمل مهنة "مسؤول" على وزن مفعول وهذا لا يعني -كما فهم هو- مزيدا من "الأهميّة" و"البرستيج" بل هو فتح باب لا يُغلق لقضاء الحوائج الناس وما يتبعها من "مسؤولية" حتى تنتهي فترة الأمانة الموكلة اليك.

كان صاحبنا دوما يتبرّم من ملاحقة الناس له مشتكيا ضيق وقته وعدم تقدير الناس لوضعه... لم يدرك تحت تأثير نشوة المنصب أنّ من حق كل من ينتظر خدماته أن يسأله ويشاغله بالمطالبة في حال وجود فساد أو تأخر أو تقصير ادارته عن تقديم الخدمة لأن من ولاّه "المسؤوليّة" يتوقع منه السعي والتطوير لتوفير خدمات ادارته للناس في أحسن صفة واقل جهد وايسر تكلفة. لم يقل لهذا المسؤول أي من ثقاته أنْ لا مبرر لتهرّبه وتململه - وهو المسؤول - حينما كان يرى الناس زرافات زرافات امام أماكن تواجده أو في صالة انتظار مكتبه لسببين الأول أن هذا قدر "المسؤول" عن حاجات الناس، والسبب الثاني أنّ مثل هذا التزاحم حوله قد يدلّه على مواطن الخلل أو يذكّره بفشله وتقصير ادارته في ايصال خدماتها الى الناس دون دورات التعقيد المفتعل بما يدفع ذوي الحاجات لتسوّل الشفاعات وكتابة المعاريض وانتظار طلّة سعادته البهيّة.


** مسارات:

قال ومضى: عزيزي المسؤول: قبل أنْ تقع الأزمة فضلاً تفحّص رؤوس من وضعتهم حولك.

د. فايـز الشهري
 0  0  2877