×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الصيف وبوادر أزمة خانقة



أزمة السكن أزمة مرهقة يعاني منها كثير من البلدان النامية وان لم يتم رصدها ومعالجتها مبكراً فإنها تتفاقم وتترك آثار اجتماعية واقتصادية تدوم عقود طويلة من الزمن و مناطق المصايف في جنوب بلادنا الغالية تشهد مع بداية إجازة الصيف من كل عام حركة دؤوبة نشطة نتيجة توافد أعداد كبيرة من أبناء تلك المناطق الذين اضطرتهم ظروف العيش للارتباط بأعمال في مختلف مناطق البلاد , إضافة إلى أعداد كبيرة من الزوار استقطبهم جمال الطبيعة واعتدال المناخ , يأتون مع عائلاتهم وهم يتلهفون شوقاً للديار و مقابلة الأهل والأصحاب والأحباب وإقامة مناسبات الزواج وتبادل الزيارات وحفلات الأفراح , ويحلمون في إيجاد مسكن يوفر لهم حياة مريحة ومطمئنة هانئة وجميلة.
إلا أن هذه الفرحة وهذا الشوق لا يدوم طويلاً بعد وصولهم حيث يفاجئون أن شعار مكاتب العقار والشقق المفروشة (لا توجد شقق للإيجار) ومن هنا يبدأ مشوار المعاناة في البحث والتنقل من مكان لآخر ومن دار لأخرى , والمحظوظ من ظفر بعد هذا العناء بسكن مهما كان متواضعاً في المواصفات وملتهباً في السعر.
وهذا الحال بالتأكيد يعطي مؤشراً قوياً بأن تشهد المنطقة خلال العام الحالي والأعوام المقبلة طلباً كبيراً على السكن و القطاع مرشح لمزيد من التفاقم والتأزم نظراً لان المعروض منه لا يغطي نسبه كبيرة من الاحتياج الفعلي مصحوباً بارتفاع كبير في الأسعار خاصة مع تزايد عدد الوافدين الأجانب المقيمين وعودة كثير من أبناء المنطقة للإقامة بها وارتفاع حصة المنطقة الجنوبية من السياحة الداخلية , والزيادة الكبيرة لعدد الأسر من فئة الشباب الذين لا يملكون مساكن خاصة بهم.
ولكون المسألة ليست مجرد أزمة عابرة فأنه يبرز سؤال ملح عن سبب تفاقم أزمة السكن خاصة بمنطقة تنومه , هل هو بسبب افتقار المنطقة للخطط المستقبلية؟ هل هو بسبب تراجع التمويل الحكومي لبناء المساكن؟ أم بسبب ندرة الأراضي المعدة للبناء وعدم توفر البنية التحتية لها وارتفاع أسعارها؟ أم بسبب قلة المطورين العقاريين القادرين على بناء مشاريع سكنية كبيرة وعزوف القطاع الخاص عن الاستثمار الجاد في هذا القطاع؟ أم لأسباب أخرى
أيا كانت الأسباب فلابد من اتخاذ الخطوات المناسبة لإيجاد الحلول العاجلة لهذا الأمر ومن هذه الخطوات التي يمكن أن تساعد في تحقيق الهدف:
1- المبادرة في وضع الخطط وإجراء الدراسات والبحوث حول الإسكان في المنطقة تأخذ في الحسبان الطبيعة الجغرافية والنمو السكاني والظروف الاجتماعية والاقتصادية .
2- العمل على تبسيط الإجراءات وتسريعها بدءاً بإجراءات استخراج وثائق الملكية على الأراضي المتوارثة وتحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية وانتهاء بالتصاريح اللازمة للبناء .
3- توسيع التنظيم العمراني عبر إيجاد مخططات جديدة للبناء مزودة بكافة الخدمات التي يحتاجها الساكن لكي ينعم بحياة مستقرة.
4- شق طرق عامة جديدة داخل المدينة تصل بين إطرافها لخلق مساحات للبناء على جنبات تلك الطرق ومحيطها حتى لو كان عبر التثمين ونزع الملكيات.
5-تشجيع وتفعيل دور القطاع الخاص في التطوير والاستثمار العقاري في المنطقة لغرض زيادة مساهمته في عملية بناء الفلل والشقق السكنية سواء المخصصة للبيع أو المعدة للإيجار عبر تحسين البيئة المشجعة للاستثمار والعمل على إرسال الدعوات وإقامة الندوات وورش العمل التي تبين حجم الطلب على هذا القطاع والفرص ألاستثمارية المتاحة فيه.
6-حصر لإعداد المواطنين المحتاجين الذين لا يملكون مساكن وغير قادرين على تحمل القروض الحكومية والخاصة وإعداد قائمة بأسمائهم لرفعها للجهات المختصة في ظل توجه الدولة رعاها الله لبناء مساكن للمواطنين المعدمين الذين لا يتوفر لهم مسكن مناسب .
وفي ظل القرارات الصادرة أخيرا التي تضمنت التمديد للمجالس البلدية لمدة عامين وإفرادها بنظام خاص والتي تهدف إلى تفعيل دورها بشكل أفضل والوصول به إلى المستوى الذي تتحقق من خلاله تطلعات المواطنين لرفع معيشتهم وإشباع حاجاتهم نحو حياة كريمة مستقرة وإشراكهم في إدارة الشئون المحلية لبلدهم .
نأمل أن يتم دراسة تطوير هذا الجانب وغيره من الجوانب الأخرى التي تهم المواطن , حتى لا يبقى الأمر في مجملة يخضع لاجتهادات فردية لا تظهر استجابتها إلا حينما تشعر بالارتفاع الشديد للطلب وبروز أزمة خانقة , وحتى لا يبقى المحتاجين وبالذات من فئة الشباب الذين لا يملكون مساكن خاصة بهم يرزحون تحت عبئ الظروف المادية القاصرة التي تعجز عن تحقيق الحد الأدنى من متطلبات العيش اليومي , فما بالك بتملك سكن مريح .


الأستاذ / علي بن عبدا لله بن يوسف
مدير عام الإدارة العامة للميزانية والبرامج
وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات
aalshehri@mcit.gov.sa

 0  0  7585