بعد عشر سنوات: «مسار» وداع ودعوة
د. فايز بن عبدالله الشهري
في صبيحة يوم الأربعاء 13 ربيع الآخر 1422ه المقابل لتاريخ 4 يوليو 2001م كان لهذه الزاوية شرف الإطلالة عليكم من خلال شرفات صفحة "تقنية المعلومات" المتخصصة (الرياض نت سابقا). وعلى الرغم من أن قرابة عقد من زمن عصر السرعة يكاد يمر أمام كثيرين بلا حساب الا ان هناك مؤشرات رقميّة مهمة تبين بجلاء كم هي ضخمة مسافات التنمية والمسئوليّة في بلادنا. على المستوى التقني كان عدد مستخدمي الانترنت في المملكة حينها (2001م) لا يزيد على نصف مليون مستخدم الا قليلا (العدد اليوم اكثر من 11 مليونا) وكان عدد مشتركي الهاتف الجوال آنذاك لا يتجاوز 2.5 مليون مستخدم (العدد اليوم 48.6 مليون مشترك). على المستوى التنموي كانت ايرادات الدولة -قبل قرابة عشر سنوات- حوالي 157 مليار ريال وهي اليوم بكرم الكريم الوهّاب موارد خير وبركة تزيد على نصف تريليون (540 مليار ريال). ولك ان تقارب المقارنات في أعداد الجامعات والمستشفيات والمدارس وبالطبع سيظل الطموح أكبر بكثير من تخدير لعبة الأرقام خاصة في مجالات التضخم والبطالة ومستوى الفقر والخدمات.
ومن جانب آخر وخلال عشر سنين مضت لا شك أن كل فرد منّا -على المستوى الشخصي- عاش وعايش متغيرات كثيرة نفسيّة وماليّة واجتماعيّة وثقافيّة، حققنا نجاحات وتألمنا لانكسارات، بكينا فقد أهل وأحباب، وتحسّرنا لغياب معارف وأصحاب، وعرفنا من تجارب العمر انه بخلاف كل المدارس التي التحقنا بها لا تأتي دروس الحياة الا بعد الامتحان الصعب لا قبله.
على الصعيد المهني الأخلاقي ليس سهلا -في عصر التحولات- ان تمارس الكتابة وأمام ناظريك قانون (ومايسطرون) وليست مهمة يسيرة ان تتصدى للمعلومة والفكرة وأمام قارئك شاشة خلاّبة تجلب له -قبل وصول مقالك- أثمن الكنوز من علوم الشعوب وأغلى ثروات المعلومات "بضغطة" زر. وفي العصر الالكتروني تتعاظم مسئوليّة الكاتب الذي يعرض عقله على الناس لأن الانترنت أكبر معرض للعقول عرفته الانسانيّة وأكثر من هذا أن ما يُسطِّره الكاتب تؤرشفه مكانز المعلومات لتستظهره الأجيال القادمة ما يجعل الكاتب في محكمة التاريخ عبر العصور.
لماذا هذا الكلام؟ ربما.. لا يعلم بعض الأحباب والأصدقاء أن العلاقة مع جريدة "الرياض" تمتد في عمق الزمان والمكان، وهي في ذاكرة من يكتب هذه السطور مشوار حرف و"مسار" عمر بدأ بنشر الملحق الثقافي قبل عقود- بضع "قصص قصيرة" لشاب نحيل في المرحلة الثانويّة قصد مقر الصحيفة بالملز بلا تجربة. اليوم ومع مطلع العام الجديد تقرّر أن تنتقل "مسار" من صالون باهر الى صالون آخر في بيت الصحافة "جريدة الرياض"، وسيكون في هذا الصالون الجديد للكتابة شكلا ومضمونا يتناسب ومساحة وتميز جامعة "حروف وأفكار" التي تتلمذ عليها جيل كامل في بلادي.
هذه الخواطر المتناثرة اليوم ليست لوداعكم وإنما هي في وداع "مرحلة" واستشراف أخرى وهي أيضا دعوة لمواصلة النقد والتصويب وحسن الظن دمتم بود.
مسارات
قال ومضى: قد لا أقول كل الحقيقة ولكن لا تكن أنت من يحرمني متعة الوقوف على بابها.