×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الذات والمرآة

[ALIGN=CENTER]الذات والمرآة
]
يبدو أن أيام الرضا عن الذات عند الوقوف أمام المرآة قد رحلت بلا عودة فلم يعد الاهتمام بالشكل من الكماليات وإنما من الضروريات الحياتية عند الكثيرين فتحول الجمال إلى هاجس عند المرأة والمجتمع معاً . سببها الفراغ الروحي وروج لهذه الظاهرة العالمية نجوم التلفزة والسينما والفيديو كليب الذين أطلقوا صافرة البداية لبدء منافسات الجمال .

تذكر إحصاءات السنوات الأخيرة أن عمليات التجميل تحولت إلى ظاهرة واسعة الانتشار في السعودية ، حيث كشفت أحدثها أن السعوديين صرفوا عليها ما يصل إلى أكثر من ملياري ريال سعودي ، مما يعني أن 33,4% من إجمالي الإنفاق الخليجي البالغ 6مليارات ريال كان من نصيب السعوديين .

والجراحات التجميلية في عمومها تثير عدد من التساؤلات منها : هل أصبح هناك نوع من التسخط من خلق الله تعالى وعدم الرضا بتدبيره وتقديره ؟ وما تأثير زيادة الاهتمام بالجسد والشكل على حياة الشخص العائلية وعلى صحته النفسية والجسدية وعلى مستوى اهتماماته وأولوياته ونظرته للحياة ؟ وهل هناك أخلاقيات لهذه العمليات ففيها مسموح وممنوع ؟

وفي البداية لابد من الإشارة إلى أنه يلزم التفريق بين الجراحة التجميلية والجراحة الجمالية ، فالكثير لا زال يخلط بين المصطلحين فالجراحة التجميلية هي عمليات تقويمية تعنى بإعادة الجسم البشري من حالة تشوهية إلى حالته الطبيعية : فإزالة التشوهات الخلقية وإزالة الأورام وإعادة ترميم الوجه والجلد في حالات التشوه الخلقي والحروق ، بينما الجراحة الجمالية تهدف إلى تحسين المظهر دون أن يعاني الشخص في الأصل من أي تشوه خلقي .

وما أود التركيز عليه في هذا المقال هو الجانب النفسي ؛ لأن لهذه العمليات أثر كبير على الصحة النفسية ، ففي إحدى الدول العربية أُخضع مجموعة من الذين أرادوا إجراء عمليات تجميلية لفحص نفسي فتبين أن 40% منهم لديهم اضطرابات شخصية ، ولم تكن هناك علاقة بين درجة التشوه ومقدار الاضطراب النفسي ، وهذا الاضطراب عادة ما يحدث في مرحلة المراهقة المتأخرة . وقد وجد أن ثلاثة أرباع المرضى هم من الإناث ، وهن إما عازبات أو مطلقات وهناك توافق كبير بين هذا الاضطراب واضطرابات المزاج والرهاب الاجتماعي والوسواس القهري ، ووفقاً لهذه الدراسة فقد حاول ربع هؤلاء المرضى الانتحار .

وجوهر التفكير لدى الراغبين في الجراحات الجمالية هو الاعتقاد أن لديهم عيباً أو أنهم غير جذابين فيمارسون سلوكيات لتفحص أو تحسين أو إخفاء العيب الذي يعتقدون وجوده من خلال المقارنات مع الآخرين ، والنظر طويلاً في المرآة ، والحمية القاسية وطلب الجراحات الجمالية ، وقد تقود هذه الحالة إلى لزوم المنزل والكف عن العلاقات الاجتماعية . كما أن البعض وخاصة النساء عندما يقررن إجراء عملية التجميل ويرين الصور الأولية الرائعة عبر جهاز الكمبيوتر ثم يفاجئن بنتائج لا ترضيهم فيصبن بالاكتئاب .

إن من الضروري قبل إجراء العمليات التجميلية الحصول على فتوى دينية موثوقة ، ثم الاستشارة النفسية ؛ لأن التجميل فقد مسوغاته وتحولت عملياته إلى تشويه وإلغاء للهوية الذاتية ،ومحاولة لمسح السمات العامة التي تعطي كل وجه أو جسد مميزاته وخصوصيته وترسم ملامح شخصيته ، فأصبح الإنسان يسعى إلى التقليد وأن يكون الآخر دون رضىٍ أو قناعة بما خلق الله عز وجل.

- رسائل قصيرة :

- ليس الجمال بأثواب تزييننا إن الجمال جمال العلم والأدب

- من الأولى عندما ننظر إلى المرآة أن نعرف عيوب جمال النفس ثم نستخدم معها التحديد والتقويم قبل أن نحدد عيوب جمال الجسد ثم نستخدم معه المشرط والإبرة .

- الجمال الحقيقي أن تقدم الخبز لمن أصابك بسوء.



بقلم الأستاذ
زهير عبدالله الشهري

مشرف تربوي وأكاديمي سعودي
zheer.alshehri@gmail.com
منقول من صحيفة سبق الإلكترونية
 0  0  7268