كيف تكتب المقدمة للمقالة ؟
كيف تكتب المقدمة للمقالة ؟
دعني أذكرك أولا بالمكونات الأساسية للمقال:
العنوان، والمقدمة، والموضوع، والخاتمة... ثم القفلة النهائية..
وكنا في آخر مقال قد تحدثنا عن أهمية العنوان وكيف تختاره بطريقة تجعل من الصعب تجاهله.. أما المقدمة فهي الجزء المتضمن نبذه سريعة (ودون تفصيل) تمهد فيه لموضوعك الرئيسي وتخبر القراء بما ستخبرهم به بالتفصيل..
ومقال بلا مقدمة يشبه مشاهدتك لفيلم (من منتصفه) فتتملكك الحيرة ويخفى عليك السياق فتعمد الى تغيير القناة.. ونفس الأمر ينطبق على الكتابة كون دخولك مباشرة في صلب الموضوع (متجاهلا المقدمة والتمهيد) يجعل القارئ حائرا بخصوص هدفك وفكرتك ودوافع طرحك!
وفي المقابل؛ لا يجب أن تطول مقدمتك إلى حد "تطفيش" القارئ أو التفرع لقضايا لن تناقشها لاحقا.. فكما لا يجب أن تتجاوز مقدمة أي فيلم 30 دقيقة على الأكثر (وإلا سيصاب المشاهد بالملل ويتساءل أين القصة) يجب أن تمهد لفكرتك خلال 30 ثانية فقط (وإلا سيصاب القارئ بالملل ويقلب الصفحة)!!
... وإن كانت مهمة العنوان هي لفت انتباه القارئ، فإن مهمة المقدمة هي الاحتفاظ به وتهيئته للدخول في التفاصيل. ولفعل هذا يجب أن تخبر القراء في المقدمة (بما ستخبرهم به في الموضوع) ولكن بطريقة مختصرة وجذابة ومشوقة تضمن بقاءهم حتى النهاية..
وهناك طرق كثيرة لبدء المقدمة بطريقة مميزة كأن تبدأ مثلا:
= بقضية تهم القارئ مثل:
لست وحدك من يعاني من تبخر الراتب (أو) لماذا تشعر أحيانا بأنك أقل الناس حظا...
= أو طرح سؤال غريب مثل:
لماذا لا تذهب الخراف إلى الطبيب؟ (أو) هل يصدر البركان صوتا لو لم يسمعه أحد؟!!
= أو البدء بموقف طريف أو تركيبة أدبية لطيفة مثل:
باستثناء المنديل الذي أحمله لم أتعود دس أنفي في أمور لا تخصني (أو) لم تكن المرة الأولى التي أركب فيها منطاد هواء ساخن، ولكنها المرة الأولى التي يسألني أحد عن السيدة عائشة على هذا الارتفاع..
= أو البدء بإحصائية أو رقم مفاجئ مثل:
22% من المواطنين فقط يملكون منازل خاصة بهم (أو) في عام 1947 شاهد العالم أول طبق حقيقي طائر (أو) 60% من الرجال معرضون لتضخم البروستاتا بعد سن الخمسين...
= كما يمكنك أسر القارئ مباشرة بزخم معلوماتي مدهش مثل:
أثبتت الدراسات أن النساء يعشن أطول من الرجال؛ وسكان الجبال أكثر من السهول؛ وأهل القرى أكثر من المدن، وغير المدخنين أكثر من المدخنين؛ والمتزوجون أطول عمرا من العزاب؛ والنحاف أكثر من السمان؛ والكائنات الكبيرة أكثر من الصغيرة.. واليابانيون أكثر من أي شعب بالعالم!!
..... وعلى نفس السياق يمكن أن تبدأ مقدمتك ب: قصة، أو استشهاد، أو تجربة، أو تعليق، أو فكرة، أو أي شيء آخر بشرط أن يكون جذابا ومشوقا ويقنع القارئ بالبقاء (لمعرفة سر العمر الطويل لليابانيين، أو تضخم البروستاتا لدى الرجال، أو علاقة البالون بزواج السيدة عائشة)!
... وفي الحقيقة؛ مساحة هذه الزاوية لا تسمح بسرد أمثلة لمقدمات أكثر طولا وبالتالي أرجو اعتبار النماذج أعلاه مجرد اختصارات أو افتتاحيات للمقدمات ذاتها...
وأنا على أي حال لا أفضل أن تتجاوز المقدمة 20% من حجم الموضوع وأرى أنه كلما (قصر طولها وارتفعت جاذبيتها) حققت هدفها بشكل أفضل واحتفظت بالقارئ لوقت أطول.. والكاتب الخبير يمكنه تحقيق هذين المطلبين منذ البداية في حين يمكن للكاتب المبتدئ الدخول مباشرة في الموضوع (متجاهلا المقدمة مؤقتا) ثم العود لصياغتها من وحي السياق أو تحوير أفضل فقرة ونقلها كمقدمة!!
*** *** ***
وفي المقال القادم سأخبركم عن العنصر الثالث والأهم... جسد المقال أو الموضوع ذاته.
فهد عامر الأحمدي
صحيفة الرياض