×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

رسالتي للقراء في عامنا الهجري الجديد

رسالتي للقراء في عامنا الهجري الجديد
الحمد لله الذي بأمره تتصرم الشهور والأعوام ، وتنقضي السنون والأيام ، والصلاة والسلام على خير من صلى وصام ، وطاف بالبيت الحرام ، نبينا محمد بن عبد الله خير مُعلمٍ وإمام ، وعلى آله وصحبه الكرام ، وعلى التابعين ومن تبعهم من الأئمة الأعلام . أما بعد ؛
فاغتنم هذه المناسبة السنوية المُتكررة التي نودع فيها عامًا هجريًا مضى بما فيه من الخير والشر ، فقد انقضت أيامه ، وتصرمت لياليه ، وطويت صحائف أعمال العباد فيه ليربح من ربح وليخسر من خسر ، ألا وهي مناسبة ذكرى ( الهجرة النبوية ) على صاحبها الكريم أفضل الصلاة وأتم التسليم . وهي مناسبةٌ عزيزةٌ إلى نفوسنا ، ولاسيما أنها ترتبط بأحد أكبر وأهم الأحداث في تاريخ أُمتنا المُسلمة التي شاء الله تعالى أن تكون آخر الأُمم وأكرمها .
فيا أيها القراء الكرام ، كم هو جميلٌ ورائعٌ وممتع أن يستشعر الإنسان المسلم معاني هذه الهجرة ، وأن يستلهم دروسها الزاخرة بالكثير من الدروس التربوية ولاسيما أن الهجرة تًعد حدثًا وسلوكًا ورسالةً ونهجًا إسلاميًا رائعًا لتصحيح مسيرة الحياة منذ أن بدأها معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم ومعه صحبه الكرام ، مرورًا بالفترة الزمنية التي سار على نهجها أتباعهم فكانوا شامةً مشرقةً في تاريخ البشرية كلها .
أما كلمتي لإخواني أعضاء ورواد موقع ( تنومة ) ، ففي تصوري أنها لن تُضيف لشريف علمهم ومعرفتهم شيئًا جديدًا ، إلاّ أنني أحتسب على الله تعالى أنها تنطلق من مبدأ الإسلام التربوي الخالد الذي يقول فيه ربنا عز وجل : } و ذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين { ، ويقول فيه النبي الكريم ( صلى الله عليه وسلّم ) فيما جاء عند البخاري : " بلغوا عني ولو آية " .
وهنا أوجِّه لإخواني القراء الكرام في هذا الموقع وغيره من المواقع والمنتديات هذه العبارات اليسيرة الموجزة في مبناها والعظيمة في معناها ، والتي أُذكِّر فيها نفسي ثم أُذكرهم جميعًا بأمورٍ أربعة يجب علينا جميعًا أن نعيها ، وأن نتدبرها ، وأن نقف أمامها موقف المتأمل الواعي الذي يبتغي الخير وينشُده ويسعى إليه ويجتهد في تحصيله ، وفيها أقول مستعينًا بالله تعالى :
= أولاً / علينا جميعًا - بارك الله فيكم - أن نحمد الله تعالى ، وأن نُكثر من شكره على ما نحن فيه من النِعم الكثيرة الجليلة التي يأتي من أبرزها نعمة الإسلام الذي أعزّنا الله به وأكرمنا بالانضواء تحت رايته في هذه البلاد الغالية والحبيبة إلى نفوسنا جميعًا ، وغيرها من النِعم العظيمة والكثيرة التي يقول فيها الحق سبحانه : } وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها { .
= ثانيًا / لنحرص - وفقني الله وإياكم - على استثمار ما يسّرهُ الله سبحانه وتعالى لنا من نعمة التعامل مع ( الشبكة العنكبوتية ) التي أصبحت شُغلاً شاغلاً للكثيرين في عالمنا المُعاصر بما تُقدمه من خدماتٍ رائعاتٍ تفوق الوصف وتتجاوز الخيال ، وليس هناك من شكٍ في أن من واجب الشكر أن نُحسن استثمارها من خلال ما نكتبه ونُسهم به في مختلف المواقع والمنتديات وغيرها من الخدمات الأُخرى في عمل الطاعات والحرص على المكرمات ، وصالح القول وجميل العمل ، وأن يكون شعارنا عند مشاركاتنا فيها تقوى الله سبحانه وتعالى ، ومراقبته سرًا وعلانية في كل حرفٍ يكتب ، وكل عبارةٍ تُسطر ، وكل مشاركةٍ تُنشر ، وليكن لنا في منهج شاعرنا المسلم خير عظةٍ وعبرة ، وهو يُحذِّر كل كاتبٍ ومُشاركٍ بقوله :
فلا تكتب بكفك غير شيءٍ يسُرُك في القيامة أن تراه
= ثالثًا / ليكن اعتزازنا بعروبتنا ، وفخرنا بأصولنا القبلية والمناطقية ، وحبنا لأرضنا ولأوطاننا ، مسبوقًا دائمًا وأبدًا ، وفي كل وقتٍ وحين بشرف الانتماء الحقيقي الصادق لديننا الإسلامي الحنيف الذي أعزنا الله تعالى به ، فأخرجنا من الظلمات إلى النور ، وجعلنا من خير أُمةٍ أُخرجت للناس . والمعنى أن من الواجب المُتحتم علينا أن نُخضع كل ما يُمكن أن يُفتخر به من الأقوال ، والأعمال ، والصفات ، والعادات ، والأخبار ، والأشعار ، والأحداث ، والروايات ، والتقاليد ، والطباع ، وغيرها من مُجريات الحياة لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وتوجيهاته ، فما كان في مرضاة الله تعالى ورسوله افتخرنا به وحافظنا عليه وطبقناه في حياتنا ، وما خالف ذلك أو تعارض معه تخلينا عنه وتنصلنا منه مهما كان ، فنحن أبناء الإسلام وعزتُنا مُستمدةٌ من عزته ، وإذا ابتغينا العزة في غير الإسلام أذّلنا الله والعياذ بالله ، وفي هذا المعنى يقول الشاعر العربي المسلم :
الفخر بالإسلام ليس بغيره يكفيك فخرًا أن يُقال المُسلم
= رابعًا / ينبغي - سدّدني الله وإياكم - ألاّ تحظى منا هذه المواقع والمنتديات وما في حُكمها بأكثر من حجمها الطبيعي المعقول الذي نتعامل من خلاله ونتفاعل معها بشكلٍ لا إفراط فيه ولا تفريط ، فلا ينبغي أبدًا أن تُلهينا عن أداء الفرائض ، أو تأخير الواجبات ، أو التقصير في أداء ما يتوجب علينا أداءه والقيام به في حياتنا العادية ومجرياتها ، كما أن من الضروري ألاّ نصرف الأوقات الطويلة في متابعتها والانشغال بها وبما فيها حتى يترتب على ذلك إهمال ما سواها ، وأن يكون تعاملنا معها تعاملاً معتدلاً ومتوازنًا ومنطلقًا من منطلق الوسطية و الاعتدال ، وهو ما يمكن تحقيقه بأن نُعطي لكل ذي حقٍ حقه من العناية والاهتمام .
وختامًا / أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا جميعًا بما نقول ونسمع ، وما نقرأ ونكتب ، وأن يجعل ذلك في موازين الحسنات ، وسببًا لرفعة الدرجات ، ومحو الخطايا والسيئات ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل المكارم والتُقى والمكرمات ، وسلّم تسليمًا كثيرًا .

بقلم الدكتور
صالح بن علي أبو عرّاد
 0  0  3156