×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

تنومة واستشراف المستقبل

تنومة واستشراف المستقبل

طالعنا هذا المنتدى العامر بخبر مفاده قيام عدد من أبناء تنومة يوم الثلاثاء 6/3/1430هـ بعقد اجتماعاً في مدينة الرياض يهدف إلى مناقشة بعض الطلبات التي تحتاجها مدينة تنومة وساكنيها في الحاضر والمستقبل.
وقد قرأت هذا الخبر باهتمام بالغ وأسعدني كثيراً مضمونه , وحقيقة أن ما يقوم به هؤلاء الأبرار من جهود ينم عن الروح الوطنية العالية وعمق الشعور بالمسئولية والانتماء , وقد أكدت التجارب أن الوطن لا يقوم إلا باهتمام وانجازات أبنائه المخلصين فلهم منا كل التقدير والاحترام.
وفي هذا السياق و لمواكبة التطور الذي تعيشه البلاد وإستشرافاً لمستقبل الأجيال القادمة من خلال العمل الجاد والتخطيط المستقبلي فإنه ينبغي على الجهات المعنية بمساعده من أبناء المنطقة وجهات متخصصة العمل على استشراف المستقبل ومحاولة صياغته عبر إعداد مخطط إستراتيجي شامل لمدينة تنومه يمثل المرجع الأساس الذي يتضمن تصوراً واضحاً لمستقبل المدينة والمناطق الريفية المجاورة لها وذلك وفق مراحل متتالية ضمن إطار زمني بعيد المدى بحيث يعالج احتياجات الحاضر ويؤسس لمستقبل مدروس لجميع المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية اللازمة لتحقيق الرقي والرفاهية المنشودة.
وفي إطار هذا المخطط المستقبلي يمكن الإشارة إلى عدد من النقاط :
1- إعداد خطة مستقبلية لشبكة الطرق داخل مدينة تنومة وضواحيها بدءاً بتطوير الطرق القائمة حالياً من حيث تأهيل البنية التحتية لها وصيانتها وبناء الأرصفة وشبكات الإضاءة والمياه والتشجير وإعداد الخطط اللازمة لإنشاء طرق جديدة في المستقبل لتخفيف الاختناقات المرورية وتلافياً لظهور المجمعات السكنية العشوائية التي تنشأ في غياب التخطيط السليم والتي يصعب معالجتها مستقبلاً .
2- البدء من الآن في اختيار أرض واسعة ومستوية وقد نجدها في الجهة الشرقية من تنومه تربط بالمركز بخط سريع ويعمل على تسويتها وتخطيطها لتضم في المستقبل كثير من الاحتياجات مجتمعة في مكان واحد أهمها إيجاد مدينة صناعية مؤهلة تكون تحت إشراف هيئة المدن الصناعية لاستفادة سكان المنطقة من الاستثمارات الباحثة عن الفرص خاصة الاستثمارات التعدينية وكذا للاستفادة من القروض التي تقدمها الدولة عبر إقامة منشآت صناعية مناسبة وهذا بدوره سيسهل توفير وظائف للمواطنين وتفعيل مشاركتهم في الأعمال الأنتاجيه التي تعود بالفائدة عليهم وعلى الاقتصاد المحلي والوطني .
3- إيجاد مخطط لغرض إقامة الورش الصناعية حرصاً على إيقاف انتشارها داخل الأحياء السكنية منعاً لما تحدثه من ضوضاء وتلوث وتوفير المساحات اللازمة من الأراضي لإقامة الكليات والمعاهد العلمية وكذا المجمعات الصحية والخدمية التي قد تظهر الحاجة إليها مستقبلاً.
4- الإرث الثقافي والتاريخي منظومة إنسانية تشكل ذاكرة المجتمع وهويته ومسار تاريخه ومن الواجب علينا وعلى الجهات الذي يدخل ضمن اختصاصها العمل على حماية ما تبقى منه وأحد جوانبه نسيج القرى القديمة والقلاع (الحصون) المنتشرة في أرجاء المنطقة والتي تشمل شواهد تاريخية لا يمكن تعويضها لذا ينبغي مبادرة الجهات المعنية لمنع هدمها بل التشجيع على ترميمها وإعادة استخدامها ضمن إطار معاصر ومناسب لوظائفها الأصلية ولا يخفى على أحد الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه تلك القرى في التنشيط السياحي وجذب الزوار للمنطقة ليتنفسوا عبق التاريخ ورائحة الماضي .
5- الإنتاج الزراعي والحيواني مهنة الآباء والأجداد التي مكنتهم من العيش باكتفاء طوال العصور الماضية وقد طالها الإهمال وأصبح ما تبقى منها بأيدي العمالة الوافدة , ولابد من إعادة تفعيل دور الزراعة لتبقى مصدر من مصادر الدخل والتنبه إلى أنها في كثير من الأوقات ليست خياراً وإنما هي ضرورة بقاء وانتماء وقد كشفت حالات ارتفاع الأسعار في الآونة الأخير وندرة المواد الغذائية أهمية العودة للاهتمام بالزراعة وتنميتها ويمكن دعم هذا الاتجاه من جانبين :
الجانب الأول : يقع على كاهل وزارة الزراعة بالتعاون مع المزارعين ويتمثل في قيام فرع الوزارة بوضع عدد من البرامج يكون من أهدافها رفع الإنتاجية الزراعية وتنويع المحاصيل والاستغلال الأمثل للموارد وخفض تكلفة الإنتاج وتدريب المزارعين وزيادة خصوبة التربة وترشيد المياه باستخدام الأنظمة الحديثة للري , واستخدام الوسائل المناسبة للحصاد والفرز والتعبئة وكل ما من شأنه تحسين الإنتاجية وزيادة الدخل .
الجانب الثاني :
يتمثل في معالجة شح المياه للزراعة وقلة تغذية المياه الجوفية ومنع انجراف التربة وذلك بالعودة إلى الطرق التي نهجها الآباء والأجداد منذ أزمان سحيقة عبر إقامة المدرجات الزراعية على سفوح الجبال وإعادة استصلاح تلك المدرجات وبناء ما تهدم منها بشكل يمكن معه استغلال مياه الأمطار لري تلك المدرجات وذلك بإعادة توجيه مصبات المياه إليها لتكون بمثابة مخازن طبيعية تستفيد بذاتها وتغذي بدورها المياه الجوفية , بالإضافة إلى إقامة السدود وإنشاء البرك والبحيرات في الأخاديد الجبلية لزيادة نسبة تخزين المياه السطحية والجوفية
الجانب الثالث:
حبا الله سبحانه وتعالي مدينة تنومه بجمال طبيعي خلاب ووهبها العديد من المتنزهات الرائعة التي تأسر قلوب الباحثين عن الترفيه والترويح مما يؤهلها لأن تكون عنصر جذب متميز للحركة السياحية بالمنطقة وجعلها مصدر مهم من مصادر الدخل ولكي تستمر بهذه الحلة من الجمال وتبقى عنصر جذب تحتاج للاهتمام بعدد من الجوانب منها:
1- تطوير المتنزهات القائمة بالمنطقة والعناية بها وبنظافتها وتنظيمها وزيادة غطائها النباتي عبر تشجيرها بأنواع مختارة من الأشجار التجميلية والظليلة وإيصال الخدمات إليها وزيادة أعدادها وتوفير إمكانات التشغيل المناسبة لها ومراقبتها لمنع العبث بها وقطع أشجارها من قبل المسيئين والعابثين بالطبيعة وإنشاء حدائق عامه وتدعيمها بكافة الخدمات والإمكانات ووسائل الترفيه .
2- تشجيع إقامة الفنادق والشقق السكنية ومراكز التسوق والمرافق الترفيهية والمطاعم وتفعيل دور الأسواق الشعبية , وإقامة عدد من الجوامع الكبيرة التي تسمح باستيعاب أكبر عدد من المصلين مجهزة بكافة المرافق .
أخيراً أكرر شكري لكل فرد مخلص من أبناء المنطقة وكل مسئول يبذل الجهد ويحث الخطى للارتقاء بالمنطقة إلى تطلعات القيادة الحكيمة لهذا البلد ورؤيتها المستقبلية لمدن المستقبل.


الأستاذ/علي بن عبد الله بن يوسف الشهري
الرياض
 0  0  7765