×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

ضريبة الشهرة في حياة المشاهير

ضريبة الشهرة في حياة المشاهير

لاشك أن للشهرة ضريبة، ودائما على مستوى العالم الغربي المشاهير يعانون الأمرين من ملاحقة الصحافة والفضوليين لهم واقتحام حياتهم الخاصة، ويكفي أن نعلم أن حادث الأميرة البريطانية ديانا كان نتيجة ملاحقة كاميرات الصحافيين،كما تناقلت الوكالات في حينه، وللأسف تأثر الكثيرون هنا في مجتمعاتنا إما بدافع الفضول وحب الاستطلاع أحيانا، وإما بالنَّهَم اللامنتهي بمتابعة أخبار المشاهير، سواء كانوا ممثلين أم لاعبين أم مغنين، وللأسف أن هذا هو واقعنا شئنا أم ابينا- حيث يندر أو يقل أن تجد أحد المشاهير من المشايخ الفضلاء أو الدعاة يتعرضون لما يتعرض له هؤلاء من متابعة دقيقة لتفاصيل حياتهم أو متابعة أخبارهم الشخصية ونحو ذلك، ولعل السبب في ذلك يعود لنوعية محبي ومريدي كل فريق، ففي العادة وليس دائما نجد محب الداعية أو الشيخ هو شخص غرس الله في قلبه بذرة الخير وحب أهله، وبالتالي لا يهمه كثيرا أمر حياة الشيخ الشخصية أو حياته اليومية بقدر ما يهمه ما يناله منه من علم ونفع، ولربما يظهر في السوق أو في مكان عام فلا تجد الطفوليين يصيحون ويصرخون ويتجمعون حوله، وذلك في نظري يعود لسببين:
أولهما: أنه لو حصل شيء من ذلك مثلا- فإن الشيخ أو الداعية لن يعيره اهتماما كبيرا بل سيحاول قدر استطاعته تجاهل الموضوع، على العكس ممن صنعهم الإعلام مشاهير لنجوميتهم سواء رياضيا أو فنيا أو غير ذلك من الميادين المبتذلة عند عامة الناس، حيث يلاحظ عند ظهور أحدهم فجأة أو بترتيب مسبق في التجمعات العامة أو المحلات التجارية ونحوها يلاحظ صراخ الغوغاء وضعاف أو ضعيفات النفوس وتجمعهم حوله وتسابقهم للظفر بتوقيع أو كتابة كلمة أوكلمتين في \" التيليغراف \" الشخصي لأحدهم أو طلب التصوير معه ..الخ مما يصنع لهذا الشهير في نفسه هالة لا يطفئها آلاف الفرق الميدانية من دفاعنا المدني، هذا هو السبب الأول، وهو ردة الفعل من هؤلاء المشاهير ممن قل الإيمان في قلبه وتعاظمت نفسه أمام نفسه فلا يكاد يرى أكبر منه على هذه البسيطة، على العكس ممن غرس الله في قلبه الإيمان والعمل الصالح ممن يردد بينه وبين نفسه : ( اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي مالا يعلمون ).
أما السبب الثاني: فهو ما ذكرته ضمنا في مقدمة كلامي من نوعيات محبي ومريدي كل فريق، أي الجمهور نفسه، فلا نتوقع من مجموعة من الشباب الصالحين أو الفتيات الصالحات عند رؤية أحد المشايخ مثلا نفس ردة الفعل من محبي أحد المغنين أو الممثلين، فالسببين يكادان يدوران حول نفسيهما.
ولا شك ان المنهج الإسلامي الصحيح في التعامل مع مثل هذه القضية هو القائم على عدد من الأمور:
أولها: هو وضع الإنسان في موضعه الصحيح، فهؤلاء بشر، وليسوا بأفضل من أفضل البشر وهم الرسل عليهم الصلاة وأفضل السلام ممن حكى الله عز وجل - عنهم فقال (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)) سورة الفرقان،
فما وجه الغرابة عند مصادفة احدهم في سوق أو طائرة أو طريق أو عند إشارة أو غير ذلك، هل يفترض مثلا أن يكون له سوق غير سوق الناس وطريق غير طريقهم ؟ !!
والثاني: تلكم القاعدة العظيمة ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) حديث حسن رواه الترمذي وغيره،
ومما لا يعني الإنسان هو هؤلاء القوم، ما ذا عملوا وما ذا ركبوا وأي سيارة اشتروا، وبمن تزوجوا وما هي آخر أخبارهم مفرحة كانت أو محزنة، وتناقل الإشاعات عنهم والسلسة طويلة لاتكاد تنتهي.
وثالثها: هو عدم تعظيم الأشخاص، أيا كانوا، فلن يكونوا - مهما كانوا قريبا في القَدْرِ من موطيء قدم من أقدام رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وهو الذي قال: (لا تطروني كما أطرت اليهود والنصارى أنبياءهم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله ) رواه البخاري، وبعض الجهلة من الناس يغلو في الأشخاص ويبالغ في المدح والثناء وإسباغ الألقاب على هؤلاء الضعفاء مما يبعث على الغرور في نفوسهم، ويمنحهم نشوة تسكرهم عن الحق وعن رؤية نفوسهم كما هي على حقيقتها.
إن من اتبع هذا المنهج الرباني العظيم في التعامل مع هؤلاء القوم وغيرهم يجد راحة في نفسه عجيبة، ولا يهمه بعد ذلك أمر فلان أو علان من فنان أو نجم أو رياضي، فهو في نهاية الأمر بشر مثله مثل سائر البشر لم يكتب الله له عصمة ولا حصل على صكِّ كمالٍ ولا ضمانِ نزاهةٍ عن الخطأ والذنب.

علي بن غالب
 0  0  9587